النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قَالُواْ مَآ أَخۡلَفۡنَا مَوۡعِدَكَ بِمَلۡكِنَا وَلَٰكِنَّا حُمِّلۡنَآ أَوۡزَارٗا مِّن زِينَةِ ٱلۡقَوۡمِ فَقَذَفۡنَٰهَا فَكَذَٰلِكَ أَلۡقَى ٱلسَّامِرِيُّ} (87)

{ قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : بطاقتنا ، قاله قتادة والسدي .

الثاني : لم نملك أنفسنا عند ذلك للبلية التي وقعت بنا ، قاله ابن زيد .

الثالث : لم يملك المؤمنون منع السفهاء من ذلك . والموعد الذي أخلفوه أن وعدهم أربعين ، فعدّوا الأربعين عشرين يوماً وعشرين ليلة وظنوا أنهم قد استكملوا الميعاد ، وأسعدهم{[1916]} السامري أنهم قد استكملوه .

{ وَلَكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ } أي حملنا من حلي آل فرعون ، لأن موسى أمرهم أن يستعيروا من حليهم ، قاله ابن عباس ومجاهد والسدي . وقيل : جعِلت حملاً .

والأوزار : الأثقال ، فاحتمل ذلك على وجهين :

أحدهما : أن يراد بها أثقال الذنوب لأنهم قد كان عندهم غلول{[1917]} .

الثاني : أن يراد أثقال الحمل لأنه أثقلهم وأثقل أرجلهم .

قوله تعالى : { فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ } الآية . قال قتادة . إن السامري قال لهم حين استبطأ القومُ موسى : إنما احتبس عليكم من أجل ما عندكم من الحلي ، فجمعوه ورفعوه للسامري ، فصاغ منه عجلاً ، ثم ألقى عليه قبضة قبضها من أثر الرسول وهو جبريل ، وقال معمر : الفرس الذي كان عليه جبريل هو الحياة فلما ألقى القبضة عليه صار عجلاً جَسَداً له خوار .

والخوار صوت الثور ، وفيه قولان :

أحدهما : أنه صوت حياة خلقة ، لأن العجل المُصَاغُ{[1918]} انقلب بالقبضة التي من أثر الرسول ، فصار حيواناً حياً ، قاله الحسن وقتادة والسدي . وقال ابن عباس : خار العجل خورة واحدة لم يتبعها مثلها .

الثاني : أن خواره وصوته كان بالريح ، لأنه عمل فيه خروقاً فإذا دخلت الريح فيه خار ولم يكن فيه حياة ، قاله مجاهد .


[1916]:أسعدهم: أعانهم، أي أيدهم في هذا الظن.
[1917]:أي أن الغنائم لم تكن تحل لهم فليس لهم أن يعتبروا تلك الحلي غنائم.
[1918]:المصاغ: لعل الصواب أن يقال المصوغ لأنه اسم مفعول من الفعل صاغ الذي مضارعه يصوغ مثل قال يقول فالكلام مقول والعجل مصوغ.