الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قَالُواْ مَآ أَخۡلَفۡنَا مَوۡعِدَكَ بِمَلۡكِنَا وَلَٰكِنَّا حُمِّلۡنَآ أَوۡزَارٗا مِّن زِينَةِ ٱلۡقَوۡمِ فَقَذَفۡنَٰهَا فَكَذَٰلِكَ أَلۡقَى ٱلسَّامِرِيُّ} (87)

قوله : { بِمَلْكِنَا } : قرأ الأخَوان بضم الميم . ونافع وعاصم بفتحها ، والباقون بكسرها : فقيل : لغاتٌ بمعنى واحدٍ كالنَّقْض والنِّقْضِ . ومعناها : القُدْرَةُ والتسلُّطُ . وفرَّق الفارسيُّ وغيرُه بينها فقال : " المضمومُ معناه : لم يكنْ [ لنا ] مُلْكٌ فَنُخْلِفَ موعدَك بسُلْطَانِه ، وإنما فَعَلْناه بنظرٍ واجتهادٍ ، فالمعنى على : أَنْ ليس لهم مُلْكٌ .

كقول ذي الرمة :

لا تُشْتكى سَقْطَةٌ منها وقد رَقَصَتْ *** بها المفاوِزُ حتى ظهرُها حَدِبُ

أي : لا يقع منها سَقْطَةٌ فتشتكى " . وفتحُ الميمِ مصدرٌ مِنْ مَلَكَ أمرَه . والمعنى : ما فعلناه بأنَّا مَلَكْنا الصوابَ ، بل غَلَبَتْنا أنفسُنا . وكسرُ الميمِ كَثُر فيما تَحُوْزه اليدُ وتحويه ، ولكنه يُسْتعمل في الأمورِ التي يُبْرِمُها الإِنسانُ ومعناها كمعنى التي قبلها . والمصدرُ في هذين الوجهين مضافٌ لفاعلِه ، والمفعولُ محذوفٌ أي : بملكِنا الصوابَ .

قوله : { حُمِّلْنَآ } قرأ نافعٌ وابنُ كثير وابنُ عامر وحفصٌ بضم الحاء وكسر الميم مشددة . وأبو جعفرٍ كذلك إلاَّ أنه خَفَّف الميم ، والباقون بفتحِهما خفيفةَ الميمِ . فالقراءةُ الأولى والثانية نَسَبوا فيهما الفعلَ إلى غيرِهم ، وفي الثالثةِ نَسَبُوه إلى أنفسهم .

و { أَوْزَاراً } مفعولٌ ثانٍ على غيرِ القراءة الثالثة . و { مِّن زِينَةِ } يجوز أَنْ يكونَ متعلقاً ب " حُمِّلْنا " ، وأن يكونَ متعلِّقاً بمحذوفٍ على أنه صفةٌ ل " أَوْزار " .

وقوله : { فَكَذَلِكَ } نعتٌ لمصدرٍ ، أو حالٌ من ضميره عند سيبويه أي : إلقاءً مثلَ إلقائِنا ألقى السامريُّ .