أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخۡرُجَ إِلَيۡهِمۡ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (5)

{ ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم } أي ولو ثبت صبرهم وانتظارهم حتى تخرج إليهم ، فإن أن وإن دلت بما في حيزها على المصدر دلت بنفسها على الثبوت ، ولذلك وجب إضمار الفعل وحتى تفيد أن الصبر ينبغي أن يكون مغنيا بخروجه ، فإن حتى مختصة بغاية الشيء في نفسه ولذلك تقول : أكلت السمكة حتى رأسها ، ولا تقول نصفها ، بخلاف إلى فإنها عامة ، وفي { إليهم } إشعار بأنه لو خرج لا لأجلهم ينبغي أن يصبروا حتى يفاتحهم بالكلام أو يتوجه إليهم . { لكان خيرا لهم } لكان الصبر خيرا لهم من الاستعجال لما فيه من حفظ الأدب وتعظيم الرسول الموجبين للثناء والثواب ، والإسعاف بالمسؤول إذ روي أنهم وفدوا شافعين في أسارى بني العنبر فأطلق النصف وفادى النصف . { والله غفور رحيم } حيث اقتصر على النصح والتقريع لهؤلاء المسيئين الأدب التاركين تعظيم الرسول عليه الصلاة والسلام .