تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخۡرُجَ إِلَيۡهِمۡ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (5)

1

التفسير :

5- { وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } .

هذا أدب الإسلام ، في الحث على إكرام الكبراء والعلماء ، وعدم إزعاجهم ، والانتظار حتى يخرج العظيم من بيته ، ثم يتفرغ لهم ، بمعنى أنه لو خرج وشغل بأمر آخر ، وجب الانتظار حتى يكون خروجه إليهم ، ويتوجه بوجهه لهم ، أو يتفرغ لشأنهم .

يحكى عن أبي عبيد -العالم الزاهد الثقة- أنه قال : ما دققت باب عالم قط ، حتى يخرج في وقت خروجه .

ومعنى الآية :

ولو أن هؤلاء الذين ينادونك من وراء الحجرات ، صبروا ولم ينادوك حتى يخرج إليهم ، لكان ذلك أفضل لهم ، وأنسب وأزكى وأطهر .

ثم فتح الله لهم باب التوبة فقال :

{ والله غفور رحيم } . لمن تاب منهم عن معصيته ، وندم على ندائه ، وراجع أمر الله في ذلك وفي غيره ، فالله غفور رحيم به ، أن يعاقبه على ذنبه ذلك بعد أن تاب عنه .

والخلاصة :

إن الله سبحانه وتعالى استهجن الصياح برسول الله صلى الله عليه وسلم ، في حال خلوته من وراء الجدران ، كما يصاح بأهون الناس قدرا ، لينبه إلى فظاعة ما جسروا عليه ، وليرشد إلى أدب الإسلام في تخير الوقت المناسب للزيارة ، وأدب الطَّرْق الخفيف على باب المنزل ، أو استعمال الجرس استعمالا خفيفا ، لا يزعج أهل المنزل ، وعدم الوقوف أمام الباب بل على جانب منه ، وعدم النظر إلى المنزل عند فتح الباب ، ثم السلام على صاحب المنزل عند ظهوره .

قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ( 27 ) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ( 28 ) } . ( النور : 27 ، 28 ) .