التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَٱلۡوَزۡنُ يَوۡمَئِذٍ ٱلۡحَقُّۚ فَمَن ثَقُلَتۡ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (8)

قوله تعالى : ( والوزن يومئذ الحق . . . )

قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ( الوزن يومئذ الحق ) بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن وزنه للأعمال يوم القيامة حق أي لا جور فيه ، ولا ظلم ، فلا يزاد في سيئات مسيء ، ولا ينقص من حسنات محسن . وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر كقوله ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين )وقوله ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ) الآية إلى غير ذلك من الآيات .

قال ابن ماجة : حدثنا محمد بن يحيى ، ثنا ابن أبي مريم ، ثنا الليث ، حدثني عامر بن يحيى ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ؛ قال : سمعت عبد الله بن عمرو يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يصاح برجل من أمتي ، يوم القيامة ، على رءوس الخلائق . فينشر له تسعة و تسعون سجلا . كل سجل مد البصر . ثم يقول الله عز وجل : هل تنكر من هذا شيئا ؟ فيقول : لا . يا رب : فيقول : أظلمتك كتبتي الحافظون ؟ ثم يقول : ألك عن ذلك حسنة ؟ فيهاب الرجل ، فيقول : لا . فيقول : بلى . إن لك عندنا حسنات . وإنه لا ظلم عليك اليوم . فتخرج له بطاقة فيها : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، قال ، فيقول : يا رب ! ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ! فيقول : إنك لا تظلم . فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة . فطاشت السجلات ، وثقلت البطاقة " . قال محمد بن يحيى . البطاقة الرقعة . وأهل مصر يقولون للرقعة : بطاقة .

( سنن ابن ماجة 2/1437ح4300 - ك الزهد ، ب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة ) ، وأخرجه الترمذي من طريق ابن المبارك عن الليث ( السنن - ك الإيمان - ب ما جاء فيمن يموت وهو يشهد أن لا إله إلا الله ) . وقال : حسن غريب . ونقل الحافظ ابن كثير الصحيح في كتاب التفسير ، وأخرجه أحمد من طريق ابن المبارك نحوه ( المسند ح6994 ) قال محققه : إسناده صحيح ، وأخرجه الحاكم من طريق يحي بن عبد الله بن بكير عن الليث نحوه و قال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي . ( المستدرك 1/529 ) ، ذكره السيوطي في الدر المنثور ( 3/420 ) ، وصححه الألباني في ( صحيح سنن الترمذي ح2127 ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي قوله : ( والوزن يومئذ الحق ) توزن الأعمال .

قوله تعالى ( . . . فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون . ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون )

قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ( فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظمون ) . بين تعالى في هذه الآية الكريمة : أن من ثقلت موازينهم أفلحوا ، ومن خفت موازينهم خسروا بسبب ظلمهم ، ولم يفصل الفلاح والخسران هنا . وقد جاء في بعض المواضع ما يدل على أن المراد بالفلاح هنا كونه في عيشة راضية في الجنة .

وأن المراد بالخسران هنا كونه في الهاوية في النار ، وذلك في قوله ( فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية وما أدراك ماهية نار حامية ) . وبين أيضا خسران من خفت موازينه بقوله ( ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ) إلى غير ذلك من الآيات .