بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَٱلۡوَزۡنُ يَوۡمَئِذٍ ٱلۡحَقُّۚ فَمَن ثَقُلَتۡ مَوَٰزِينُهُۥ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (8)

قوله :

{ والوزن يَوْمَئِذٍ الحق } أَيّ وزن الأعمال يومئذ بالعدل { فَمَن ثَقُلَتْ موازينه } أي : رجحت حسناته على سيئاته { فَأُوْلَئِكَ هُمُ المفلحون } أي الناجون . وتكلموا في وزن الأعمال . قال بعضهم : توزن الصحائف التي كتبها الحفظة في الدنيا . وقال بعضهم : يجعل للأعمال صورة وتوضع في الميزان . وقال بعضهم : هذا على وجه المثل وهو كناية عن التعديل ، وهو قول المعتزلة . وقال بعضهم : قد ذكر الله تعالى الوزن فنؤمن به ولا نعرف كيفيته .

وروى بلال الحبشي عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إنَّ جِبْرِيلَ صَاحِبُ المِيزَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ يَقُولُ لَهُ رَبُّهُ زِنْ بَيْنَهُمْ فَرَدَّ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، وَلا دِرْهَمَ يَوْمَئذٍ ، وَلا فِضَّةَ ، وَلا دِينَارَ ، فَيَرُدُّ الظَّالِمُ عَلَى المَظْلُومِ مَا وَجَدَ لَهُ مِنْ حَسَنَةٍ . فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ لَهُ حَسَنَةٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ المَظْلُومِ فَتُرَدُّ عَلَى الظَّالِمِ فَيَرْجِعُ الظَّالِمُ وَعَلَيْهِ سَيِّئاتٌ مِثْلُ الجَبَلِ »

وروي عن ابن عباس أنه قال : توزن الحسنات والسيئات في ميزان له لسان وكفتان . فأما المؤمن فيؤتى بعمله في أحسن صورة ، وتثقل حسناته على سيئاته . وأما الكافر فيؤتى بعمله في أقبح صورة ، وتثقل سيئاته على حسناته . وقال بعضهم : لا يوزن عمل الكافر ، وإنما توزن الأعمال التي بإزائها الحسنات .