ولما انقضى المأمور به من القول لكافر{[45121]} النعمة وشاكرها وسبب ذلك والدليل عليه ، وبان أنه خالق الموجودات كلها وربها ، فلا يصح أصلاً أن يكون شيء منها شريكاً . أمره صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يذكرهم بأيام الله عند أبيهم إبراهيم عليه السلام للدلالة على تبديلهم النعمة ظلماً منهم وكفراً ، في أسلوب دال على البعث ، مشير إلى وجوب براءتهم من{[45122]} الأصنام حيث كان محط حالهم فيها{[45123]} تقليد الآباء وهو أعظم آبائهم ، وإلى ما سنه لهم من إقامتهم{[45124]} الصلاة وشكرهم لنعمه بالانفاق وغيره ، فقال ناعياً عليهم - مع{[45125]} المخالفة لصريح العقل وقاطع النقل عقوق أبيهم الأعظم ، عطفاً على { قل لعبادي{[45126]} الذين آمنوا } أو{[45127]} على { وإذ قال موسى لقومه } : { وإذ } أي واذكر لهم مذكراً بأيام الله خبر إبراهيم إذ{[45128]} { قال إبراهيم رب } أي أيها المحسن إليّ بإجابة دعائي في جعل القفر الذي وضعت{[45129]} به ولدي بلداً عظيماً .
ولما كان السياق لإخراج الرسل{[45130]} من محالهم ، وكان ذلك مفهماً لأن المحل الذي يقع الإخراج منه بلد يسكن فيه ، واتبعه سبحانه بأن المتعرضين{[45131]} بدلوا نعمة الله - بما أسكن فيه من الأمن بعد جعله له بلداً - بما أحدثوا فيه من الإخافة لخير أهله ، ومن الإنذار لمن أنعم عليهم بكل ما فيه من الخير ، كان الأنسب تعريفه فقال : { اجعل هذا البلد } أي{[45132]} الذي يريدون إخراج الرسول منه { آمناً } أي ذا أمن بأمان أهله ، وكأن هذا الدعاء{[45133]} صدر منه{[45134]} بعد أن سكن الناس مكة وصارت مدينة ، والذي في البقرة{[45135]} كان حيث وضع ابنه{[45136]} بها مع أمه وهي خالية عن ساكن ، فدعا أن يجعلها الله بلداً ، وأن يجعلها بعد ذلك موصوفة بالأمن ، وهو سكون النفس إلى زوال{[45137]} الضر .
ولما دعا بالأمن من فساد الأموال والأبدان ، أتبعه الدعاء بالأمن من{[45138]} فساد الأديان{[45139]} ، فقال : { واجنبني } أي اصرفني { وبني } أي لصلبي ، {[45140]} وأسقط البنات إشارة إلى الاستقلال ، وإنما هن تابعات دائماً{[45141]} { أن نعبد } أي عبادة مستمرة تكون موجبة للنار { الأصنام * } أي اجعلنا في جانب غير جانب عبادتها ، والصنم : المنحوت على خلقة البشر ، وما كان منحوتاً على غير خلقة البشر{[45142]} فهو وثن - قاله الطبري عن مجاهد{[45143]} ؛
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.