نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ لَا رَيۡبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (2)

{ الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك } أي أيقع منهم هذا بعد وضوحه وجلاء شواهده ، ثم أتبع ذلك بقوله : { مالكم من دونه من ولي ولا شفيع } وهو تمام لقوله : { ومن يسلم وجهه إلى الله } ولقوله{[54447]} : { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله } ولقوله : { وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله {[54448]}مخلصين له الدين{[54449]} } ولقوله : { اتقوا ربكم ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون } بما ذكرتم ، ألا ترون أمر لقمان وهدايته بمجرد دليل فطرته ، فما لكم بعد التذكير وتقريع الزواجر وترادف الدلائل وتعاقب الآيات تتوقفون{[54450]} عن السلوك{[54451]} إلى ربكم وقد أقررتم بأنه خالقكم ، ولجأتم إليه عند احتياجكم ؟ ثم أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم برجوع من عاند وإجابته حين لا ينفعه رجوع ، ولا تغني عنه إجابة ، فقال : { ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤسهم عند ربهم ) ثم أعلم سبحانه أن الواقع منهم إنما هو بارادته وسابق من حكمه ، ليأخذ الموافق الموقن نفسه بالتسليم فقال ( ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها } كما فعلنا بلقمان ومن أردنا توفيقه ، ثم ذكر انقسامهم بحسب السوابق فقال : { أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون } ثم ذكر مصير الفريقين ومآل الحزبين ، ثم أتبع ذلك{[54452]} بسوء حال{[54453]} من ذكر فأعرض فقال : { ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها } وتعلق الكلام إلى آخر السورة - انتهى .


[54447]:زيد من ظ وم ومد.
[54448]:سقط ما بين الرقمين من م ومد.
[54449]:سقط ما بين الرقمين من م ومد.
[54450]:في ظ: يتوقعون، وفي مد: متدقفون.
[54451]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الشكوك.
[54452]:زيد من ظ وم ومد.
[54453]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: مال.