البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ لَا رَيۡبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (2)

0

و { الكتاب } : القرآن .

قال الحوفي : { تنزيل } مبتدأ ، { ولا ريب } خبره .

ويجوز أن يكون { تنزيل } خبر مبتدأ ، أي هذا المتلو تنزيل ، أو هذه الحروف تنزيل ، و { الم } بدل على الحروف .

وقال أبو البقاء : { الم } مبتدأ ، و { تنزيل } خبره بمعنى المنزل ، و { لا ريب فيه } حال من الكتاب ، والعامل فيه تنزيل ، و { من رب العالمين } متعلق بتنزيل أيضاً .

ويجوز أن يكون حالاً من الضمير في فيه ، والعامل فيه الظرف .

ويجوز أن يكون { تنزيل } مبتدأ ، و { لا ريب فيه } الخبر ، و { من رب العالمين } حال كما تقدم .

ولا يجوز على هذا أن يتعلق بتنزيل ، لأن المصدر قد أخبر عنه .

ويجوز أن يكون الخبر { من رب العالمين } ، و { لا ريب } حال من الكتاب ، وأن يكون خبراً بعد خبر . انتهى .

والذي أختاره أن يكون { تنزيل } مبتدأ ، و { لا ريب } اعتراض ، و { من رب العالمين } الخبر .

وقال ابن عطية : { من رب العالمين } متعلق بتنزيل ، ففي الكلام تقديم وتأخير ؛ ويجوز أن يتعلق بقوله : { لا ريب } ، أي لا شك ، من جهة الله تعالى ، وإن وقع شك الكفرة ، فذلك لا يراعى .

والريب : الشك ، وكذا هو في كل القرآن ، إلا قوله : { ريب المنون } انتهى .

وإذا كان { تنزيل } خبر مبتدأ محذوف ، وكانت الجملة اعتراضية بين ما افتقر إلى غيره وبينه ، لم نقل فيه : إن فيه تقديماً وتأخيراً ، بل لو تأخر لم يكن اعتراضاً .

وأما كونه متعلقاً بلا ريب ، فليس بالجيد ، لأن نفي الريب عنه مطلقاً هو المقصود ، لأن المعنى : لا مدخل للريب فيه ، إن تنزيل الله ، لأن موجب نفي الريب عنه موجود فيه ، وهو الإعجاز ، فهو أبعد شيء من الريب .