السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ لَا رَيۡبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (2)

ولما كان المقصود في التي قبلها إثبات الحكمة لمنزل هذا الكتاب الذي فيه تبيان كل شيء أخبر سبحانه وتعالى عن هذا بأنه من عنده بقوله تعالى : { تنزيل الكتاب } أي : الجامع لكل هدى على ما ترون من التدريج من السماء { لا ريب } أي : لا شك { فيه } لأنّ نافي الشك هو الإعجاز معه لا ينفك عنه فكل ما تقولونه مما يخالف ذلك تعنت أو جهل من غير ريب حال كونه { من ربّ العالمين } أي : الخالق لهم المدبر لمصالحهم فلا يجوز في عقل ولا يخطر في بال ولا يقع في وهم ولا يتصوّر في خيال أنه يصل شيء من كتابه تعالى إلى هذا النبي الكريم بغير أمره ، ولا يتخيل أنّ شيئاً منه ليس بقول الله تعالى ثم لا يتخيل أنه من كلامه ولكنه أخذه من بعض أهل الكتاب ؛ لأنّ هذا لا يفعل مع بعض الملوك فكيف بملك الملوك فكيف بمن هو عالم بالسرّ والجهر ، محيطٌ علمه بالخفي والجلي .

تنبيه : في تنزيل الكتاب إعرابات مختلفة ، وأظهرها ما جرى عليه الجلال المحلي من أنّ تنزيل الكتاب مبتدأ ، ولا ريب فيه خبر أوّل ومن رب العالمين خبر ثان .