نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشۡهَدُ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيۡكَۖ أَنزَلَهُۥ بِعِلۡمِهِۦۖ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَشۡهَدُونَۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدًا} (166)

ولما لم يبق سبحانه لهم شبهة ، واستمروا على عنادهم ، أشار تعالى إلى ما تقديره : إنهم لا يشهدون لك{[23879]} عند اتضاح الأمر ، فقال : { لكن } {[23880]}أي ومع ما قام من البراهين على صدقك وكون كتابك من عند الله فهم لا يشهدون بذلك{[23881]} لكن{[23882]} { الله } أي الذي له الأمر كله فلا كفوء له { يشهد } أي لك { بما أنزل إليك } {[23883]}أي من{[23884]} هذا الكتاب المعجز الذي قد{[23885]} أخرس الفصحاء وأبكم البلغاء ، وفيه هذه الأحكام الصادقة لما عندهم وهم يريدون الإضلال عنها ، فشهادته{[23886]} ببلاغته وحكمته بصدق الآتي به هي شهادة الله لأنه قائله ، ولذلك عللل بقوله : { أنزله بعلمه } أي عالماً بإنزاله على الوجه المعجز مع كثرة المعارض فلم يقدر أحد ولا يقدر{[23887]} على إحداث شيء فيه من تغيير{[23888]} ولا تبديل ولا زيادة ولا نقصان ولا معارضة { والملائكة } أيضاً { يشهدون } بذلك لأنهم كانوا{[23889]} حضوراً لإنزاله{[23890]} وأمناء على من كان منهم على يده ليبلغه{[23891]} - كما قال تعالى :

{ فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم{[23892]} }[ الجن : 27-28 ] وهذا خطاب للعباد على حسب ما يعرفون .

ولما كان ربما أفهم نقصاً نفاه بقوله : { وكفى بالله } أي الذي له الكمال كله { شهيداً } أي وكفى بشهادته{[23893]} في ذلك شهادة عن شهادة غيره ، وذلك لأنه أنزله سبحانه شاهداً بشهادته ناطقاً بها لإعجازه بنظمه وبما{[23894]} فيه من علمه من الحِكَم والأحكام وموافقة كتب أهل الكتاب ، فشهادته{[23895]} بذلك هي{[23896]} شهادة الله ، وهي لعمري لا تحتاج إلى شهادة أحد غيره .


[23879]:في ظ: ذلك.
[23880]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[23881]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[23882]:زيد من مد.
[23883]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[23884]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[23885]:سقط من ظ.
[23886]:من ظ ومد، وفي الأصل: لشهادته.
[23887]:زيد من ظ ومد.
[23888]:في ظ: مغير.
[23889]:في ظ: حضور كذلك.
[23890]:في ظ: حضور كذلك.
[23891]:من ظ ومد، وفي الأصل: لتبليغه.
[23892]:سورة 72 آية 27 و28.
[23893]:من مد، وفي الأصل وظ: بشهادة.
[23894]:في ظ: ما.
[23895]:في ظ: بشهادته.
[23896]:من ظ ومد، وفي الأصل: عن.