وقرأ السلمي : لكنّ الله يشهد ، بالتشديد .
فإن قلت : الاستدراك لا بدّ له من مستدرك فما هو قوله : { لكن الله يَشْهَدُ } ؟ قلت : لما سأل أهل الكتاب إنزال الكتاب من السماء وتعنتوا بذلك واحتج عليهم بقوله : { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } قال : لكن الله يشهد ، بمعنى أنهم لا يشهدون لكن الله يشهد . وقيل : لما نزل { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } قالوا : ما نشهد لك بهذا ، فنزل { لكن الله يَشْهَدُ } ومعنى شهادة الله بما أنزل إليه : إثباته لصحته بإظهار المعجزات ، كما تثبت الدعاوى بالبينات . وشهادة الملائكة : شهادتهم بأنه حق وصدق .
فإن قلت : بم يجابون لو قالوا : بم يعلم أن الملائكة يشهدون بذلك ؟ قلت : يجابون بأنه يعلم بشهادة الله ، لأنه لما علم بإظهار المعجزات أنه شاهد بصحته علم أن الملائكة يشهدون بصحة ما شهد بصحته ؛ لأنّ شهادتهم تبع لشهادته .
فإن قلت : ما معنى قوله : { أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ } وما موقعه من الجملة التي قبله ؟ قلت : معناه أنزله ملتبساً بعلمه الخاص الذي لا يعلمه غيره ، وهو تأليفه على نظم وأسلوب يعجز عنه كل بليغ وصاحب بيان ، وموقعه مما قبله موقع الجملة المفسرة لأنه بيان للشهادة ، وأن شهادته بصحته أنه أنزله بالنظم المعجز الفائت للقدرة . وقيل أنزله وهو عالم بأنك أهل لإنزاله إليك وأنك مبلغه . وقيل : أنزله مما علم من مصالح العباد مشتملاً عليه . ويحتمل : أنه أنزل وهو عالم به رقيب عليه حافظ له من الشياطين برصد من الملائكة ، والملائكة يشهدون بذلك ، كما قال في آخر سورة الجنّ . ألا ترى إلى قوله تعالى : { وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ } [ الجن : 8 ] والإحاطة بمعنى العلم { وكفى بالله شَهِيداً } وإن لم يشهد غيره ، لأنّ التصديق بالمعجزة هو الشهادة حقاً { قُلْ أَىُّ شَىْء أَكْبَرُ شهادة قُلِ الله } [ الأنعام : 19 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.