تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشۡهَدُ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيۡكَۖ أَنزَلَهُۥ بِعِلۡمِهِۦۖ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَشۡهَدُونَۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدًا} (166)

166-لَّكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا . ترد هذه الآية ردا على جحود اليهود لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد أنكروا رسالته وجحدوا نبوته .

أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من اليهود فقال لهم : إني والله أعلم أنكم لتعلمون أني رسول الله ، فقالوا : ما نعلم ذلك ، فأنزل الله قوله : لَّكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ {[158]} .

أي : إذا تعنت اليهود ولم يشهدوا لك بالرسالة فإن الله عز وجل يشهد بأن القرآن الكريم الذي أنزله إليك بوساطة جبريل الأمين ، قد أنزله بعلمه ومعرفته محتويا على علم الله وتشريعاته من الحلال والحرام والآداب والأحكام ، والملائكة تشهد بصدق محمد وبأن ما أنزل عليه حق ، وبأنه من عند الله وكفى بالله شهيدا على صدقك حيث أيدك بالمعجزات الباهرة ، والبراهين الساطعة ، المغنية عن شهادة هؤلاء المعاندين ، وقد عرفت شهادة الملائكة بشهادة الله ؛ فإن من شهد الله له شهدت له ملائكته .

من تفسير ابن كثير :

جاء في تفسير ابن كثير لقوله تعالى : لَّكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ . أي : فيه علمه الذي أراد أ يطلع العباد عليه من البينات والهدى والفرقان ، وما يحبه الله ويرضاه ، وما يكرهه ويأباه ، وما فيه من العلم بالغيوب من الماضي والمستقبل ، وما فيه من ذكر صفاته تعالى المقدسة التي لا يعلمها نبي مرسل ولا ملك مقرب إلا أن يعلمه الله به . كما قال تعالى وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء . ( البقرة : 255 ) ، وقال : وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا . ( طه : 110 ) .

وقال ابن أبي حاتم عن عطاء بن السائب قال : أقرأني أبو عبد الرحمن السلمي القرآن ، وكان إذا أقرا عليه أحدنا القرآن قال : قد أخذت علم الله ، فليس أحد اليوم أفضل منك إلا بعمل ، ثم يقرأ قوله : أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا .


[158]:تفسير ابن جرير الطبري 6/31.