سورة{[1]} محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وتسمى القتال و{[2]}تسمى أيضا{[3]} الذين كفروا .
مقصودها التقدم إلى المؤمنين في حفظ حظيرة الدين بإدامة الجهاد للكفار ، حتى يلزموهم الصغار ، أو يبطلوا{[4]} ضلالهم كما أضل [ الله-{[5]} ] أعمالهم ، لا سيما أهل الردة الذين [ فسقوا عن محيط الدين إلى -{[6]} ] أودية الضلال المبين ، والتزام{[7]} هذا الخلق الشريف إلى أن تضع الحرب أوزارها بإسلام أهل الأرض كلهم بنزول{[8]} عيسى عليه الصلاة والسلام ، وعلى ذلك دل اسمها " الذين كفروا " لأن من المعلوم أن من صدك عن سبيلك قاتلته و[ أنك-{[9]} ] إن لم تقاتله كنت مثله ، واسمها محمد واضح في ذلك لأن الجهاد كان خلقه عليه/أفضل الصلاة والسلام إلى أن توفاه الله تعالى وهو نبي الرحمة بالملحمة لأنه لا يكون حمد وثم نوع ذم كما تقدم تحقيقه في سورة فاطر وفي سبأ وفي الفاتحة ، ومتى كان كف عن أعداء الله [ كان-{[10]} ] الذم ، [ و-{[11]} ] أوضح أسمائها في هذا المقصد القتال ، فإن من المعلوم أنه لأهل الضلال { بسم الله } الملك الأعظم الذي [ أقام-{[12]} ] جنده للذب عن حماه { الرحمن } الذي عمت رحمته تارة بالبيان وأخرى بالسيف والسنان { الرحيم } الذي خص حزبه بالحفظ في طريق الجنان .
لما أقام سبحانه الأدلة في الحواميم حتى صارت كالشمس ، لا يزيغ عنها إلا هالك ، وختم بأنه لا يهلك بعد هذه الأدلة إلا القوم{[13]} الفاسقون ، افتتح هذه بالتعريف بهم فقال سبحانه وتعالى :
فقال سبحانه وتعالى : { الذين كفروا } أي ستروا أنوار الأدلة فضلوا على{[59255]} علم { وصدوا } أي امتنعوا بأنفسهم ومنعوا غيرهم لعراقتهم في الكفر { عن سبيل الله } أي الطريق الرحب المستقيم الذي شرعه الملك الأعظم { أضل } أي أبطل إبطَّالاً عظيماً يزيل العين والأثر-{[59256]} { أعمالهم * } التي هي أرواحهم المعنوية وهي كل شيء يقصدون به نفع أنفسهم من جلب نفع أو دفع ضر بعد أن وفر سيئاتهم وأفسد بالهم ، ومن جملة أعمالهم ما يكيدونكم به لأنها إذا ضلت عما قصدوا بها بجعله سبحانه لها ضالة ضائعة هلكت من جهة أنها ذهبت في المهالك ومن جهة{[59257]} أنها ذهبت في غير الجهة التي قصدت لها فبطلت منفعتها المقصودة منها فصارت هي باطلة فأذهبوا أنتم أرواحهم{[59258]} الحسية بأن تبطلوا صورهم وأشباحهم بأن تقطعوا أوصالهم وأنتم في غاية الاجتراء عليهم ، فإن ربهم الذي أوجدهم قد أبطلهم وأذن لكم في إبطالهم ، فإنه قد علم أن لا صلاح لهم والمؤذي طبعاً يقتل شرعاً ، فمن قدرتم على قتله فهو محكوم بكفره ، محتوم بخيبته وخسره .
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : {[59259]}لما انبنت{[59260]} سورة الأحقاف على ما ذكر من مآل من كذب وافترى {[59261]}وكفر{[59262]} وفجر ، وافتتحت السورة بإعراضهم ، ختمت بما قد-{[59263]} تكرر من تقريعهم وتوبيخهم ، فقال تعالى : { ألم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى{[59264]} } أي لو اعتبروا بالبداءة لتيسر عليهم أمر العودة ، ثم ذكر عرضهم على النار إلى{[59265]} قوله { فهل يهلك إلا القوم الفاسقون } فلما ختم بذكر هلاكهم ، افتتح السورة الأخرى بعاجل ذلك اللاحق لهم في دنياهم فقال تعالى : { فإذا{[59266]} لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق {[59267]}فإما منّاً بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها{[59268]} } الآية بعد ابتداء السورة بقوله { الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم } فنبه على أن أصل محنتهم إنما هو بما أراده تعالى بهم في سابق علمه ليعلم المؤمنون أن الهدى{[59269]} والضلال بيده{[59270]} ، فنبه على الطريقين بقوله { أضل أعمالهم } وقوله في الآخر{[59271]} { كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم } ثم بين {[59272]}أنه تعالى{[59273]} لو شاء لانتصر منهم ولكن{[59274]} أمر المؤمنين بقتالهم ابتلاء واختباراً ، ثم حض المؤمنين على ما أمرهم به من ذلك فقال : { إن تنصروا الله ينصركم } ثم التحمت الآي - انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.