تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{كَذَّبَتۡ ثَمُودُ بِطَغۡوَىٰهَآ} (11)

الآية 11 : وقوله تعالى : { كذبت ثمود بطغواها } ولم يبين لمن كذبوا ، وقد بينه في آية أخرى ، فقال : { كذبت ثمود المرسلين } [ الشعراء : 14 ] .

وقوله تعالى : { بطغواها } يحتمل وجهين :

أحدهما{[23693]} لأجل معصيتهم{[23694]} وطغيانهم ؛ إذ الحامل لهم على التكذيب طغيانهم وتركهم التفكر في أمره ، وإلا لو تفكروا في ما جاءهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجدوا موضع التكذيب .

والثاني : بأهل طغواها ، أي كذبت ثمود بسبب أهل الطغيان ، فيكون في هذه الآية أنهم لم يكذبوا رسولهم بشبهة اعترضت لهم أو بحجة كانت لهم ، بل كذبوه عن عناد منهم وتيقن برسالته ؛ وذلك أن نبيهم صالحا عليه السلام جاوزته الحجج ، لأنهم أوتوا الناقة على سؤال سبق منهم وعلى تعد منهم في السؤال على شيء يشيرون إليه ؛ فهم بإشارتهم إلى سؤال الناقة كانوا معتدين فيه .

ثم من حكمة الله أن الحجة إذا كانت على إثر السؤال ، ثم ظهر التكذيب من السائلين ، هي{[23695]} الاستئصال في الدنيا ، وقد وجد من أولئك القوم السؤال والتكذيب ، فعوقبوا بالاستئصال . قال الله تعالى : { وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة } [ الإسراء : 59 ] فبين الله تعالى المعنى الذي لم يرسل الآيات التي سألت الكفرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أنهم لما أوتوا ، ثم عندوا ، استؤصلوا ؛ فقد أراد الله تعالى إبقاء أمته إلى أن تقوم الساعة ، وأرسله رحمة للعالمين ، وجعل حجته من وجه فيها رحمة للعالمين ، وهي القتال ، وكان في الجهاد وما يضيق عليهم المعاش ، ويضطرهم إلى النظر في الحجج ، فيحملهم ذلك تصديقه والإيمان به ، فثبت أن القتال رحمة عليهم .


[23693]:في الأصل وم: أي.
[23694]:في الأصل وم: معصيتها.
[23695]:في الأصل وم: هو.