قوله : { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ } . في هذه الباء ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها للاستعانة مجازاً ، كقولك : «كتبت بالقلم » ، وبه بدأ الزمخشري{[60302]} ، يعني فعلت التكذيب بطغيانها ، كقولك : ظلمني بجرأته على الله تعالى .
والثاني : أنها للتعدية ، أي كذبت بما أوعدت به من عذابها ذي الطغيان ، كقوله تعالى : { فَأُهْلِكُواْ بالطاغية } [ الحاقة : 5 ] قال ابن عباس - رضي الله عنه - : وكان اسم العذاب الذي جاءها الطغوى ، لأنه طغى عليهم{[60303]} . قال ابن الخطيب{[60304]} : وهذا لا يبعد لأن الطغيان مجاوزة [ الحد فسمي عذابهم طغوا لأنه كالصيحة مجاوزة ]{[60305]} للقدر المعتاد .
والثالث : أنها للسببية ، أي : بسبب طغيانها ، وهو خروجها عن الحدّ في العصيان قاله مجاهد وقتادة وغيرهما .
وقال محمد بن كعب : بأجمعها{[60306]} .
وقيل : مصدر ، وخرج على هذا المخرج ، لأنه أشكل برءوس الآي .
وقيل : إن الأصل «بطُغيانِهَا » إلا أن «فُعلَى » إذا كانت من ذوات الياء أبدلت في الاسم واو ليفصل بين الاسم والوصف .
وقرأ العامة : «بطغواها » بفتح الطاء ، وهو مصدر بمعنى الطغيان ، وإنما قلبت الياء واواً لما تقدم ، من الفرق بين الاسم والصفة ، يعني أنهم يقرون ياء «فَعْلى » - بالفتح - صفة ، نحو جريا ، وصديا ، ويقلبونها في الاسم ، نحو «تَقْوى ، وشَرْوى » ، وكان الإقرار في الوصف ، لأنه أثقل من الاسم والياء أخف من الواو ، فلذلك جعلت في الأثقل .
وقرأ الحسن ومحمد{[60307]} بن كعب والجحدري ، وحماد : بضم الطاء ، وهو أيضاً مصدر ، كالرُّجعى والحسنى ، إلا أن هذا شاذ ، إذ كان من حقه بقاء الياء على حالها ، كالسُّقيا ، وبابها ، وهذا كله عند من يقول : «طغيت طغياناً » بالياء ، فأما من يقول : «طغوت » بالواو فالواو أصل عنده . قاله أبو البقاء{[60308]} ، وقد تقدم الكلام على اللغتين في البقرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.