التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَآؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقۡوَىٰ مِنكُمۡۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمۡ لِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (37)

36

تعليق على جملة

{ لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ }

وقد قال المفسرون في صدد هذه الجملة ، واستناداً إلى الروايات ، إن العرب كانوا يلطّخون جدران الكعبة بدماء القرابين . وإن هذه الجملة لصرف المسلمين عن هذه العادة الجاهلية . ولا نستبعد ذلك ، كما أنه ليس من المستبعد أن تكون تعبيرا أسلوبيا لبيان كون هدف وصايا الله وحدوده في شعائر القرابين وغيرها ، إنما هو إثارة التقوى في قلوب عباده حتى يجتنبوا الآثام والمحظورات ويقبلوا على الأعمال الصالحة المفيدة .

ومهما يكن قصد الآية ، فإنها قد احتوت تنبيها بليغا فيه إشارة إلى جوهر وهدف الشريعة الإسلامية . فالله لا ينتفع بصلاة الناس ولا بصومهم ولا بقرابينهم ولا بتوجيه وجوههم قبل مشرق أو مغرب . وإنما يتوخّى من كل ما يأمر به من هذه الأشكال إثارة التقوى في قلوبهم ، وحملهم على تحرّي الخير والبرّ والعمل الصالح ، وفي هذا ما فيه من تلقين جليل .

ولقد أورد ابن كثير في سياق الآية حديثا صحيحا جاء فيه : «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى ألوانكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم » . وهذا الحديث ورد في التاج معزوّا إلى أبي هريرة ومن رواية مسلم وابن ماجه وبفرق هو بدل ألوانكم وأموالكم{[1396]} . وينطوي في الحديث تلقين متساوق مع التلقين المنطوي في الآية كما هو واضح .

/خ37


[1396]:التاج 1/47