قوله : { لَن يَنَالَ الله لُحُومُهَا } العامة على القراءة بياء الغيبة في الفعلين ، لأن التأنيث مجازي ، وقد وجد الفصل بينهما{[31281]} . وقرأ يعقوب بالتاء فيهما اعتباراً باللفظ {[31282]} .
وقرأ زيد بن عليّ { لُحُومَهَا وَلاَ دِمَاءَها } بالنصب والجلالة بالرفع ، «وَلكِنْ يُنَالُهُ » بضم الياء{[31283]} على أن القائم مقام الفاعل «التَّقْوَى » . و «مِنْكُم » حال من التقوى ، ويجوز أن يتعلق بنفس «يناله » .
لما كانت عادة الجاهلية إذا نحروا البدن لطخوا الكعبة بدمائها قربة إلى الله عزَّ وجلَّ{[31284]} فأنزل الله هذه الآية { لَن يَنَالَ الله لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا }{[31285]} . قال مقاتل : لن يرفع إلى الله لحومها ولا دماؤها . { ولكن يَنَالُهُ التقوى مِنكُمْ } أي ولكن يرفع إليه منكم الأعمال الصالحة ، وهي التقوى والإخلاص وما أريد به وجه الله {[31286]} .
فصل{[31287]}
قالت المعتزلة : دلَّت هذه الآية على أمور :
أحدها : أن الذي ينتفع به فعله دون الجسم الذي ينحره .
وثانيها : أنه سبحانه غني عن كل ذلك وإنما{[31288]} المراد أن يجتهد العبد في امتثال أمره .
وثالثها : أنه لما لم ينتفع بالأجسام التي هي اللحوم والدماء وانتفع بتقواه ، وجب أن يكون تقواه فعلاً له ، وإلا كان تقواه بمنزلة اللحوم .
ورابعها : أنه لما شرط القبول بالتقوى ، وصاحب الكبيرة غير مُتَّقٍ ، فوجب أن لا يكون عمله مقبولاً وأنه لا ثواب له .
والجواب : أما الأولان فحقان ، وأما الثالث فمعارض بالداعي والعلم .
وأما الرابع : فصاحب الكبيرة وإن لم يكن متقياً مطلقاً ، ولكنه مُتَّقٍ فيما أتى به من الطاعة على سبيل الإخلاص ، فوجب أن تكون طاعته مقبولة ، وعند هذا تنقلب الآية حجة عليهم .
قوله : «كَذَلِكَ سَخَّرهَا » الكاف نعت مصدر أو حال من ذلك المصدر «وَلِتُكَبِّرُوا » متعلق به أي إنما سخرها كذلك{[31289]} لتكبروا الله ، وهو التعظيم بما يفعله عند النحر وقبله وبعده . و { على مَا هَدَاكُمْ } متعلق بالتكبير ، عُدِّي بعلى لتضمنه معنى الشكر على ما هداكم أرشدكم لمعالم دينه ومناسك حجه ، وهو أن يقول : الله{[31290]} أكبر ما هدانا والحمد لله على ما أبلانا وأولانا ، ثم قال بعده على سبيل الوعد لمن امتثل أمره «وَبَشِّر المُحْسِنِيْن » كما قال من قبل «وَبَشِّر المُخْبِتِيْن » قال ابن عباس : المحسنين الموحدين{[31291]} . والمحسن{[31292]} الذي يفعل الحسن من الأعمال فيصير محسناً إلى نفسه بتوفير الثواب عليه {[31293]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.