السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَآؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقۡوَىٰ مِنكُمۡۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمۡ لِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (37)

ولما حث تعالى على التقرّب بها مذكوراً اسمه عليها قال تعالى : { لن ينال الله } الذي له صفات الكمال { لحومها } المأكولة { ولا دماؤها } المهراقة أي : لا يرفعان إليه { ولكن يناله التقوى منكم } أي : يرفع إليه منكم العمل الصالح الخالص له مع الإيمان ، كما قال تعالى : { والعمل الصالح يرفعه } [ فاطر : 10 ] أي : يقبله وقيل : كان أهل الجاهلية إذ انحروا البدن نضحوا الدماء حول البيت ولطخوه بالدم فلما حج المسلمون أرادوا مثل ذلك فنزلت .

ثم كرّر سبحانه وتعالى التنبيه على عظيم تسخيرها منبهاً على ما أوجب عليهم به بقوله تعالى : { كذلك } أي : التسخير العظيم { سخرها لكم } بعظمته وغناه عنكم { لتكبروا الله على ما هداكم } أي : أرشدكم لمعالم دينه ومناسك حجه ، كأن تقولوا الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا ، فاختصر الكلام بأن ضمن التكبير معنى الشكر وعدّي تعديته .

ثم وعد من امتثل الأمر بقوله تعالى : { وبشر المحسنين } أي : المخلصين فيما يفعلونه ويذرونه كما قال تعالى من قبل { وبشر المخبتين } والمحسن هو الذي يفعل الحسن من الأعمال ويتمسك به فيصير مخبتاً إلى نفسه بتوفير الثواب عليه ، وقال ابن عباس : الموحدين .