غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَآؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقۡوَىٰ مِنكُمۡۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمۡ لِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (37)

23

يروى أن أهل الجاهلية كانوا يلطخون الأوثان وحيطان الكعبة بلحوم القرابين ودمائها فبين الله تعالى ما هو المقصود منها فقال : { لن ينال الله } أي لن يصيب رضا الله أصحاب اللحوم والدماء المهراقة بمجرد الذبح والتصدق . { ولكن يناله التقوى منكم } بأن يكون القربان حلالاً روعي فيها جهات الأجزاء ثم يصرفها فيما آمر . ثم كرر منة التسخير وأن الغاية تكبير الله على الهداية لأعلام دينه ومناسك حجه ، وصورة التكبير وما يتعلق بها قد سبق في " البقرة " في آية الصيام . قالت المعتزلة : لما لم ينتفع المكلف بالأجسام التي هي اللحوم والدماء وانتفع بتقواه وجب أن تكون التقوى فعلاً له وإلا كان بمنزلة الأجسام . وأيضاً إنه قد شرط التقوى في قبول العمل وصاحب الكبيرة غير متق فوجب أن لا يقبل عمله . والجواب أنه لا يلزم من عدم انتفاعه ببعض ما ليس من أفعاله أن لا ينتفع بكل ما ليس من أفعاله . وأيضاً إن صاحب الكبائر اتقى الشرك فيصدق عليه أنه متقٍ { وبشر المحسنين } إلى أنفسهم بتوفير الثواب عليها . والإحسان بالحقيقة أن تبعد الله كأنك تراه ، وفيه ترغيب لما شرط من رعاية الإخلاص في القرابين وغيرها .

/خ41