جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{۞وَإِن كُنتُمۡ عَلَىٰ سَفَرٖ وَلَمۡ تَجِدُواْ كَاتِبٗا فَرِهَٰنٞ مَّقۡبُوضَةٞۖ فَإِنۡ أَمِنَ بَعۡضُكُم بَعۡضٗا فَلۡيُؤَدِّ ٱلَّذِي ٱؤۡتُمِنَ أَمَٰنَتَهُۥ وَلۡيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُۥۗ وَلَا تَكۡتُمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَۚ وَمَن يَكۡتُمۡهَا فَإِنَّهُۥٓ ءَاثِمٞ قَلۡبُهُۥۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ} (283)

{ وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ } أي : مسافرين ، { وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِباً } يكتب لكم ، { فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ } أي : فليؤخذ بدل الكتابة ، رهان مقبوضة في يد صاحب الحق ، وعند بعض السلف أن الرهن لا يجوز إلا في السفر {[576]} ، والحديث يرده ، { فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً } : بعض الدائنين بعض المديونين ، { فَلْيُؤَدِّ {[577]} الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ } سمى الدَّين أمانة لائتمانه عليه بترك الإرتهان منه ، { وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ } في الخيانة ، { وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ } قلبه فاعل آثم ، أو مبتدأ ، وآثم خبره ، والجملة خبر إن ، وإسناده إليه للمبالغة ، كقوله : هذا مما عرفه قلبي ، ولئلا يظن أنه من آثام اللسان {[578]} ، بل من آثام القلب ، الذي هو أشرف الأعضاء ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : كتمانها من أكبر الكبائر ، { وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } تهديد ووعيد .


[576]:فقد ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم، رهن درعه في المدينة من يهودي على ثلاثين صاعا من شعير/12 منه. [أخرجه البخاري في "الجهاد"، (2916)، وفي غير موضع من صحيحه، ومسلم في "المساقاة"، (4/123) ط الشعب]
[577]:قال الشعبي: إذا ائتمن بعضكم بعضا فلا بأس ألا تكتبوا ولا تشهدوا، قال أبو سعيد الخدري: هذه نسخت ما قبله/12 منه. وفي الفتح، بعد نقل قول أبي سعيد، وأقول: رضي الله عن هذا الصحابي الجليل ليس هذا من باب النسخ فهذا مقيد بالائتمان وما قبله ثابت محكم لم ينسخ وهو مع عدم الائتمان/12
[578]:أخرج ابن جرير بسند صحيح عن سعيد بن المسيب، أنه بلغه أن أحدث القرآن بالعرش آية الدين، وأخرج أبو عبيد في فضائله عن ابن شهاب قال: آخر القرآن عهداً بالعرش، آية الربا وآية الدين/12 وجيز