جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{لِّلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَإِن تُبۡدُواْ مَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ أَوۡ تُخۡفُوهُ يُحَاسِبۡكُم بِهِ ٱللَّهُۖ فَيَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (284)

{ لِلَّهِ ما فِي {[579]} السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ } خلقا وملكا ، { وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ } : ما خطر {[580]} ببالكم من السوء ، { يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ } في الآخرة ، لما نزلت {[581]} غمت الصحابة " فقالوا هلكنا ، فقلوبنا ليست بأيدينا ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا سمعنا وأطعنا ، فقالوها " فنزلت " آمن الرسول " إلى " عليها ما اكتسبت " فنسختها ، وتجاوز لهم عن حديث النفس وصرح بنسخها أكثر السلف {[582]} ، وبعضهم صرحوا بعدم نسخها ، وقالوا : يخبرهم الله يوم القيامة بما أخفوا في أنفسهم ، فيغفر للمؤمنين ، ويؤاخذ أهل الشك والنفاق ، فمعنى المحاسبة : الإخبار ، وعن عائشة {[583]} رضي الله عنها " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين سألت عن الآية : هذه معاتبة الله العبد بما يصيبه الله من الحمى والنكبة ، حتى البضاعة يضعها في يد قميصه فيفقدها ، فيفرغ لها ، حتى أن المؤمن ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير " ، فعلى هذا المحاسبة المؤاخذة ، لكن المحاسبة إما في الدنيا ، وإما في الآخرة ، { فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ } مغفرته ، { وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ } تعذيبه ، { وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } من المحاسبة وغيرها .


[579]:ولما كانت هذه السورة مشتملة على تكاليف كثيرة سرية وجهرية بدنية وقلبية واعتقادية وعملية ناسب ختمها بهذه، فقال: "لله ما في السماوات وما في الأرض" الآية/12 وجيز
[580]:قال بعض المفسرين: المراد ما عزم عليه لا ما خطر بباله، فإنه لا يؤاخذ به لأنه ليس في وسعه، وفي تسفيرهم بذلك مخالفة للجماهير من السلف وللأحاديث الصحاح/12 منه
[581]:رواه مسلم والإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة وروى الإمام أحمد عن ابن عباس وابن جرير عنه أيضا/12 منه. [أخرجه مسلم في الإيمان]
[582]:وصح الرواية بنسخها عن علي وابن عباس وابن مسعود وكعب الأحبار وغيرهم/12 منه
[583]:رواه الترمذي وبن جرير وبابن أبي حاتم/12 منه. [أخرجه الترمذي (3176- أحوذي) بسند ضعيف