جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَلۡيَسۡتَعۡفِفِ ٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغۡنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَٱلَّذِينَ يَبۡتَغُونَ ٱلۡكِتَٰبَ مِمَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡ فَكَاتِبُوهُمۡ إِنۡ عَلِمۡتُمۡ فِيهِمۡ خَيۡرٗاۖ وَءَاتُوهُم مِّن مَّالِ ٱللَّهِ ٱلَّذِيٓ ءَاتَىٰكُمۡۚ وَلَا تُكۡرِهُواْ فَتَيَٰتِكُمۡ عَلَى ٱلۡبِغَآءِ إِنۡ أَرَدۡنَ تَحَصُّنٗا لِّتَبۡتَغُواْ عَرَضَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَمَن يُكۡرِههُّنَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ مِنۢ بَعۡدِ إِكۡرَٰهِهِنَّ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (33)

{ وَلْيَسْتَعْفِفِ } : ليجتهد في العفة عن الحرام ، { الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا } ، أي : أسبابه{[3523]} ، { حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ } : فيجدوا ما يتزوجون به ، { وَالَّذِينَ{[3524]} يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } ، أي : يطلبون من مواليهم أن يكاتبوهم ، ويبيعوهم منهم ، { فَكَاتِبُوهُمْ } ، خبر للموصول أو مفسر لفعل ناصب للموصول ، والفاء لتضمن معنى الشرط ، والأمر للندب عند الأكثرين ، { إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا } ، في الحديث{[3525]} إن علمتم فيهم حرفة ، ولا ترسلوهم كلابا على الناس ، أو أمانة وكسبا ، أو صدقا وصلاحا في الدين ، { وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } أي : اطرحوا لهم من الكتابة بعضها والأكثرون على أن طرح شيء منها واجب ، والمراد أمر المسلمين بإعطائهم سهمهم من الزكاة أو بإعانتهم في أداء الكتابة ، { وَلَا{[3526]} تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ } ، إماءكم ، { عَلَى الْبِغَاء } : علي الزنا ، { إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا } ، هذا الشرط للاتعاظ يعني : ينبغي أن يحترز من تلك الرذيلة ، وإن لم يكن زاجر شرعي حتى لا تكون أمته خيرا منه ، وحاصله لو كانت للأمة هذه الخصلة فما أقبح على مولاها أن يكرهها على الرذيلة ، والإكراه لا يأتي إلا مع إدارة التعفف ، { لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } ، يعني : ما يؤاخذ من أجورهن نزلت{[3527]} حين شكت فتيات ابن أبي بن سلول عند النبي عليه السلام عن إكراههم على الزنا ، { وَمَن يُكْرِههُّنَّ } : على الزنا ، { فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ } : لهن ، { رَّحِيمٌ } ، والوزر على المكره وفي مصحف ابن مسعود لفظ لهن مكتوب ،


[3523]:وقيل النكاح اسم لما يمهر به كاللخاف، واللباس اسم لما يحلف به ويلبس /12 وجيز.
[3524]:أمر أولا بما يعصم من الفتنة، وهو غض البصر، ثم بالنكاح الذي هو عاصم ثم بالحمل على النفس (*) الأمارة بالسوء عند العجز عن النكاح على رزق القدرة، ولما ذكر العبيد والإماء الطالبين الراغبين في النكاح، وبعث السيد على تزويجهم رغبهم في أن يكاتبوهم إن طلبوا ذلك فقال: {والذين} الآية / 12 وجيز.
[3525]:رواه أبو داود في المراسيل /12 منه. [وهو ضعيف].
[3526]:ولما أمر سبحانه بالرفق نهي عن ضده فقال: {ولا تكرهوا فتياتكم} الآية /12 وجيز.
[3527]:كما نقله البراز في مسنده والمفسرون /12 وجيز [ذكره الهيثمي في (المجمع)، (7/83) وقال: (رواه الطبراني والبراز بنحوه ورجال الطبراني رجال الصحيح)].