جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ إِنَّمَا ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُۥٓ أَلۡقَىٰهَآ إِلَىٰ مَرۡيَمَ وَرُوحٞ مِّنۡهُۖ فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۖ وَلَا تَقُولُواْ ثَلَٰثَةٌۚ ٱنتَهُواْ خَيۡرٗا لَّكُمۡۚ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ سُبۡحَٰنَهُۥٓ أَن يَكُونَ لَهُۥ وَلَدٞۘ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلٗا} (171)

{ يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم } النصارى تجاوزوا الحد في عيسى عليه السلام بل في الأحبار ، كما قال : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا ) ( التوبة : 31 ) ، { ولا تقولوا على الله } لا تفتروا عليه { إلا الحق } لكن قولوا الحق فنزهوه عن شريك وولد { إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمتُه } أوجده بكلمة كن { ألقاها إلى مريم{[1174]} } يعني خلقه بالكلمة التي أرسل الله بها جبريل إلى مريم في جيب درعها فنزلت حتى ولجت فرجها بمنزلة إلقاح{[1175]} الأب{[1176]} الأم { وروح منه } أي : صدر منه بغير مادة وإضافة الروح إلى الله للتشريف { فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة } أي : آلهتنا ثلاثة الله والمسيح ومريم { انتهوا } عن التثليت وائتوا أمرا { خيرا لكم إنما الله إله واحد } لا تعدد فيه أصلا { سبحانه } أي : أسبح سبحانه من { أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض } ملكا وخلقا لا يماثله شيء حتى يكون له ولد { وكفى بالله وكيلا } فلا يحتاج إلى ولد ؛ لأن الولد وكيل والده وهو وكيل كل شيء .


[1174]:عن أبي موسى أن النجاشي قال لجعفر: (ما يقول صاحبك في ابن مريم؟ قال: يقول فيه قول الله: هو روح الله وكلمته أخرجه من البتول العذراء لم يقربها بشر فتناول عودا من الأرض فرفعه فقال: يا معشر القسيسين والرهبان! ما يزيد هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما يزن هذه)، وعن ابن مسعود بأطول من هذا وأخرج البخاري عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله) وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبده ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان له من العمل) أخرجه الشيخان/12 فتح.
[1175]:يقال: ألقح الفحل الأنثى فلقحت/12.
[1176]:صرح بذلك ابن عباس وغيره/12 وجيز.