جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَابٗا يَبۡحَثُ فِي ٱلۡأَرۡضِ لِيُرِيَهُۥ كَيۡفَ يُوَٰرِي سَوۡءَةَ أَخِيهِۚ قَالَ يَٰوَيۡلَتَىٰٓ أَعَجَزۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِثۡلَ هَٰذَا ٱلۡغُرَابِ فَأُوَٰرِيَ سَوۡءَةَ أَخِيۖ فَأَصۡبَحَ مِنَ ٱلنَّـٰدِمِينَ} (31)

{ فبعث الله غُرابا يبحث{[1237]} في الأرض } لما قتله تحير في أمره لم يدر ما صنع به فبعث الله غرابا إلى غراب ميت فبحث عليه من التراب حتى واراه { ليُريه } : الله أو الغراب { كيف يواري سوءة أخيه } أي : جسده ، فإنه مما يستقبح أن يرى ، وكيف : حال من ضمير يوارى ، والجملة ثاني مفعولي ليريه { قال يا ويلتي } كلمة جزع والألف بدل من ياء المتكلم أي : احضري يا هلاكي فهذا أوانك { أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأُواري } عطف على أكون أو جواب استفهام ؛ لأنه للإنكار بمعنى النفي أي : إن لم أعجز واريت { سوءة أخي فأصبح من النادمين } على قتله قيل اسود جسده وتبرأ منه أبواه ، وقد ذكر أكثر المفسرين إن الله قد شرع لآدم أن يزوج بناته من بنيه ، وكان يولد له في كل بطن ذكر وأنثى وكان يزوج أنثى هذا البطن لذكر البطن الآخر فكانت هابيل دميمة{[1238]} وأخت قابيل جميلة فأراد أن يستأثر بها على أخيه فأبى آدم ذلك ، وأمرهما بأن يقربا قربانا فمن تقبل منه فهي له فتقبل من هابيل فحسد . هذا ما نقلوه والذي صح عن ابن عباس ما نقلناه أولا وهو يشعر بل يدل على أن قربناهما لا عن سبب ولا عن بداءة في امرأة ، وهو ظاهر القرآن فلذلك اخترناه .


[1237]:والبحث في الأرض: نبش التراب وإثارته/12 وجيز. السوءة: العورة وأراد بها الجسد/12 وجيز.
[1238]:وهذه الحكاية حكاية إسرائيلية وعبارة ابن عباس دالة على أن قربانهما لا عن سبب فلهذا تعرضنا بظاهر ما في القرآن/12 وجيز. [أثر ابن عباس رواه ابن جرير كما سبق وقال ابن كثير في (تفسيره) (2/44): فهذا الأثر يقتضي تقريب القربان كان لا عن سبب ولا عن تدارؤ في امرأة كما تقدم عند جماعة. وهو ظاهر القرآن].