جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَمُهَيۡمِنًا عَلَيۡهِۖ فَٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡحَقِّۚ لِكُلّٖ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗاۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَكُمۡ فِي مَآ ءَاتَىٰكُمۡۖ فَٱسۡتَبِقُواْ ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِيعٗا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ} (48)

{ وأنزلنا إليك الكتاب } أي : القرآن { بالحق } متلبسا به { مصدّقا لما بين يديه من الكتاب } : من جنس الكتب المنزلة { ومهيمنا عليه } : رقيبا على سائر الكتب وشهيدا . فكل خبر يوافقه فحق وما خالفه منها فمحرف باطل أو حاكما على ما قبله من الكتب { فاحكم بينهم } بين أهل الكتاب { بما أنزل الله } إليك { ولا تتّبع أهواءهم } بالانحراف { عما جاءك من الحق } ولتضمن لا تتبع معنى الانحراف تعلق به عن أو حال عن الفاعل أي : مائلا عما جاءك { لكل جعلنا منكم } أيها الناس { شِرعة{[1262]} } سبيلا : { ومنهاجا } : سنة السنن هي مختلفة في التوراة شريعة وفي الإنجيل شريعة يحل الله فيها أشياء هي حرام في غيرها ليتميز المطيع من العاصي { ولو شاء الله لجعلكم أمّة واحدة } جماعة متفقين على دين وطريقة واحدة في جميع الأعصار ومفعول شاء محذوف لدلالة الجواب عليه { ولكن } أراد { ليبلُوكم } : ليختبركم { في ما آتاكم } من الشرائع المختلفة في كل عصر هل تعملون بها وتعتقدون حكمتها { فاستبقوا الخيرات } ابتدروا وسارعوا إلى الأعمال الصالحة { إلى الله مرجعكم } أيها الناس { جميعا فيُنبّئكم بما كنتم فيه تختلفون } بالجزاء فيجزي الصادقين بصدقهم ويعذب الكافرين .


[1262]:الشريعة في الأصل الطريقة الظاهرة إلى الماء والمنهاج الطريق الواضح فالعطف للجمع بين الوصفين، والمراد: الأحكام العلمية، وأما أصول الدين فلا اختلاف بوجه آخر/12وجيز. وفي الفتح وهذا قبل نسخ الشرائع السابقة بالقرآن وأما بعده فلا شرعة ولا منهاجا إلا ما جاء به صلى الله عليه وسلم/12.