الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَمُهَيۡمِنًا عَلَيۡهِۖ فَٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡحَقِّۚ لِكُلّٖ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗاۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَكُمۡ فِي مَآ ءَاتَىٰكُمۡۖ فَٱسۡتَبِقُواْ ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِيعٗا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ} (48)

أخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة قال : لما أنبأكم الله عن أهل الكتاب قبلكم بأعمالهم أعمال السوء ، وبحكمهم بغير ما أنزل الله وعظ نبيه والمؤمنين موعظة بليغة شافية ، وليعلم من ولي شيئاً من هذا الحكم أنه ليس بين العباد وبين الله شيء يعطيهم به خيراً ولا يدفع عنهم به سوءاً إلا بطاعته والعمل بما يرضيه ، فلما بيَّن الله لنبيه والمؤمنين صنيع أهل الكتاب وجورهم قال { وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه } يقول : للكتب التي قد خلت قبله .

وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله { ومهيمناً عليه } مؤتمناً عليه .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله { ومهيمناً عليه } قال : المهيمن الأمين ، والقرآن أمين على كل كتاب قبله .

وأخرج أبو الشيخ عن عطية { ومهيمناً عليه } قال : أميناً على التوراة والإنجيل ، يحكم عليهما ولا يحكمان عليه قال : مؤتمنا محمد صلى الله عليه وسلم .

وأخرج آدم بن أبي إياس وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي عن مجاهد { ومهيمناً عليه } قال : محمد صلى الله عليه وسلم مؤتمناً على القرآن ، والمهيمن الشاهد على ما قبله من الكتب .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس { ومهيمناً عليه } قال : شهيداً على كل كتاب قبله .

وأخرج أبو الشيخ عن أبي روق { ومهيمناً عليه } قال : شهيداً على خلقه بأعمالهم .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { فاحكم بينهم بما أنزل الله } قال : بحدود الله .

وأخرج عبد بن حميد وسعيد بن منصور والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس في قوله { شرعة ومنهاجاً } قال : سبيلاً وسنة .

وأخرج الطستي عن ابن عباس . أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل { شرعة ومنهاجاً } قال : الشرعة الدين ، والمنهاج الطريق . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم . أما سمعت أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهو يقول :

لقد نطق المأمون بالصدق والهدى *** وبين لنا الإسلام ديناً ومنهاجاً

يعني به النبي صلى الله عليه وسلم .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً } قال : الدين واحد والشرائع مختلفة .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً } يقول : سبيلاً والسنن مختلفة ، للتوراة شريعة ، وللإنجيل من يطيعه ممن يعصيه ، ولكن الدين الواحد الذي لا يقبل غيره التوحيد والإخلاص الذي جاءت به الرسل .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد الله بن كثير في قوله { ولكن ليبلوكم فيما آتاكم } قال : من الكتب .