فإن قلت : أي فرق بين التعريفين في قوله : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكتاب } وقوله : { لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكتاب } ؟ قلت : الأول : تعريف العهد ، لأنه عنى به القرآن . والثاني : تعريف الجنس ، لأنه عنى به جنس الكتب المنزلة : ويجوز أن يقال : هو للعهد ؛ لأنه لم يرد به ما يقع عليه اسم الكتاب على الإطلاق ، وإنما أريد نوع معلوم منه ، وهو ما أنزل من السماء سوى القرآن { وَمُهَيْمِناً } ورقيباً على سائر الكتب ؛ لأنه يشهد لها بالصحة والثبات . وقرئ : «مهيمناً عليه » بفتح الميم ، أي هو من عليه بأن حفظ من التغيير والتبديل ، كما قال : { لاَّ يَأْتِيهِ الباطل مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ } [ فصلت : 42 ] والذي هيمن الله عليه عزّ وجلّ أو الحفاظ في كل بلد ، لو حُرِّف حَرْف منه أو حركة أو سكون لتنبه عليه كل أحد ، ولا اشمأزوا رادّين ومنكرين . ضمن { لاَ تَتَّبِعُواْ } معنى ولا تنحرف ؛ فلذلك عدّي بعن كأنه قيل : ولا تنحرف عما جاءك من الحق متبعاً أهواءهم { لِكُلّ جَعَلْنَا مِنكُمْ } أيها الناس { شِرْعَةً } شريعة . وقرأ يحيى بن وثاب بفتح الشين { ومنهاجا } وطريقا واضحاً في الدين تجرون عليه . وقيل : هذا دليل على أنَّا غير متعبدين بشرائع من قبلنا { لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحدة } جماعة متفقة على شريعة واحدة ، أو ذوي أمّة واحدة أي دين واحد لا اختلاف فيه { ولكن } أراد { لِيَبْلُوَكُمْ فِى مَآ ءاتاكم } من الشرائع المختلفة ، هل تعملون بها مذعنين معتقدين أنها مصالح قد اختلفت على حسب الأحوال والأوقات ، معترفين بأن الله لم يقصد باختلافها إلا ما اقتضته الحكمة ؟ أم تتبعون الشبه وتفرطون في العمل ؟ { فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ } فابتدروها وتسابقوا نحوها { إلى الله مَرْجِعُكُمْ } استئناف في معنى التعليل لاستباق الخيرات { فَيُنَبّئُكُمْ } فيخبركم بما لا تشكون معه من الجزاء الفاصل بين محقكم ومبطلكم ، وعاملكم ومفرطكم في العمل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.