جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَۖ تَبۡتَغِي مَرۡضَاتَ أَزۡوَٰجِكَۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التحريم مدنية

وهي اثنتا عشرة آية وفيها ركوعان

بسم الله الرحمن الرحيم

{ يا أيها النبي لم تحرم{[5046]} ما أحل الله لك } من العسل ، ففي الصحيحين وغيرهما ، عن عائشة أنه عليه السلام كان يمكث عند زينب ، ويشرب عسلا ، فتواطئت أنا وحفصة ، أنا نقول له : نجد منك ريح مغافير ، فدخل على أحدهما . فقالت له ذلك ، فقال : " لا بل شربت عسلا عند زينب ، ولن أعود له ، وقد حلفت ، لا تخبري بذلك أحدا " ، وكان يبتغي بذلك مرضاة أزواجه ، فنزلت . ومغافير : شبيه بالصمغ ، لها رائحة كريهة { تبتغي مرضات{[5047]} أزواجك } مستأنفة أو حال { والله غفور رحيم } فلم يؤاخذك بما صدر منك وقد روى{[5048]} أنه عليه السلام أصاب أم إبراهيم في بيت حفصة فعلمت فقالت : أي رسول الله في بيتي وعلى فراشي ، فحرمها على نفسه ، وقال : " والله لا أطؤها ، ولا تذكري ذلك لأحد " ، فذكرته لعائشة ، فعوتب في التحريم ، وأمر بالكفارة في اليمين ، ذكره كثير من السلف


[5046]:معنى تحرم تمنع لا التحريم الشرعي وهذا كما قال الله تعالى:{وحرمنا عليه المراضع}[القصص:12] أو حرمه بالحلف كما في النذر والمحرم بهما هو الله وهو الذي عين الكفارة كما هو مبين في كتب الفقه، لكن شأنه العظيم وقدره السّنية أن يكون جميع أموره صلى الله عليه وسلم لوجه الله وبإذن من الله وإن كان هذا التحريم والحلف لتطييب خاطر أهله لحسن العشرة الذي هو أحسن عند الناس/12 وجيز.
[5047]:وشأنك أن تبتغي في أمورك مرضات الله/12.
[5048]:روى عن كثير من السلف كإبن عباس رضي الله عنهما وعمر بن الخطاب وغيرهما وقال المحدثون: إسناده إلى عمر صحيح/12 وجيز. [وقال ابن كثير في "تفسيره" (4/386): وهذا إسناد صحيح ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة، وقد اختاره الحافظ الضياء المقدسي في كتابه المستخرج]