المصحف المفسّر لفريد وجدي - فريد وجدي  
{أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَسَالَتۡ أَوۡدِيَةُۢ بِقَدَرِهَا فَٱحۡتَمَلَ ٱلسَّيۡلُ زَبَدٗا رَّابِيٗاۖ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيۡهِ فِي ٱلنَّارِ ٱبۡتِغَآءَ حِلۡيَةٍ أَوۡ مَتَٰعٖ زَبَدٞ مِّثۡلُهُۥۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡحَقَّ وَٱلۡبَٰطِلَۚ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذۡهَبُ جُفَآءٗۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمۡكُثُ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ} (17)

تفسير الألفاظ :

{ أودية } جمع واد وهو الموضع الذي يسيل الماء فيه بكثرة ، ثم اتسع في معناه واستعمل للماء الجاري فيه .

{ زيدا رابيا } الزبد هو الوضر الذي يوجد عند غليان السوائل ، ورابيا أي عاليا على وجه الماء . يقال ربا يربو ربا أي زاد وعلا .

{ ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله } أي ومن الشيء الذي توقدون عليه في النار كالذهب والحديد وجميع المعادن زبد مثل زبد الماء . { جفاء } الجفاء ما يرمي به الوادي والقذر من الغثاء ، والغثاء ما يطفح ويتفرق من النبات اليابس ويضرب به المثل فيما لا يعتد به .

تفسير المعاني :

أنزل الله من السماء ماء فسالت وديان بقدرها ، أي بمقدارها الذي يعلم الله أنه يكفيها ، فاحتمل السيل زبدا طافيا على وجه الماء ، وللمعادن التي توقدون عليها في النار طالبا لأن تصنعوا منها حليا ومتاعا كالأواني ، زبد كزبد الماء .

فأما هذا الزبد فيذهب غير مهتم به لحقارته ، وأما ما ينفع الناس كالماء وخلاصة المعدن فيبقى في الأرض ، كذلك يضرب الله الأمثال لإيضاح الشبهات . جعل الله تعالى مثل الباطل كمثل الزبد يتكون ثم يضمحل ، وجعل مثل الحق كمثل الماء والمعادن التي تنفع الناس وتمكث في الأرض .