فقال عزمن قائل { أَنَزَلَ } هو { مِنَ السَّمَآءِ } يعني المطر { مَآءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا } الكبير بقدره والصغير بقدره { فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ } الذي حدث على ذلك الماء { زَبَداً رَّابِياً } حال تعريفها يود الماء فالماء الباقي الصافي النافع هو الحق .
والذاهب الزائل الباطل الذي يتعلق بالأشجار وجوانب الأودية والأنهار وهو الباطل ويقال : إن هذا سيل القرآن ينزل من السماء فيحتمل منه القلوب حظها على قدر اليقين والشك والعقل والجهل فهذا مثل الحق والباطل .
والمثل الآخر قوله : { وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ } .
قرأ حميد أبو محجن أبووهب وحمزة والكسائي يوقدون بالياء ، واختاره أبو عبيد ؛ لقوله تعالى : { يَنفَعُ النَّاسَ } ولا مخاطبة هاهنا { ابْتِغَآءَ حِلْيَةٍ } أي زينة يتخذونها { أَوْ مَتَاعٍ } وهو ما ينتفع به وكلُّ ما تمتعت به فهو متاع .
تمتع يا مشعث أن شيئاً *** سبقت به الممات هو المتاع
أراد به جواهر الأرض من الذهب والفضة .
والحديد والصفر والنحاس والرصاص ، ومنه يستخلص الأشياء مما ينتفع به من الحلي والأواني وغيرهما .
{ زَبَدٌ مِّثْلُهُ } يقول : له زبد إذا أُنث مثل زبد السيل ، والباقي الصافي من هذه الجواهر فيذهب خبثه والزبد الذي لا يبقى ولا ينتفع به مثل الباطل .
قال الله تعالى : { كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ } الذي علا السيل . { فَيَذْهَبُ جُفَآءً } سريعاً متفرقاً .
قال أبو عمرو : هو من قول العرب : أجفأت القدر النذر وجنات وذلك إذا غلت فأنصب زبدها أو سكنت لم يبقَ منه شيء .
وقال القبتي : الجفاء ما رمى به الوادي إلى جنانه . فقال : جفأته إذا صرعه .
وقال ابن الأنباري : جفاء يعني بالياً متفرقاً .
يقال : جفأت الريح بالغيم إذا فرقته وذهبت به .
قال بعضهم : يعني تباعد الأرض . يقال جفأ الوادي وأجفأ إذا نشف .
قال الفراء : إنما أراد بقوله جفاء الجفاء لأنه مصدر ، قولك جفأ الوادي غثاه جفاء فخرج مخرج الاسم وهو مصدر .
وكذلك يفعل العرب في مصدر كل ما كان من فعل شيء اجتمع بعضه إلى بعض كالقماش والرقاق والحطام والغنام يخرجه على مذهب الاسم ، كما فعلت ذلك في قولهم أعطيته عطاء بمعنى الاعطاء ، ولو أُريد من القماش المصدر على الصحة لقيل قمشته قمشاً .
{ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ } من العوالق { فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ } تم الكلام على هذا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.