تفسير ابن أبي زمنين - ابن أبي زمنين  
{أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَسَالَتۡ أَوۡدِيَةُۢ بِقَدَرِهَا فَٱحۡتَمَلَ ٱلسَّيۡلُ زَبَدٗا رَّابِيٗاۖ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيۡهِ فِي ٱلنَّارِ ٱبۡتِغَآءَ حِلۡيَةٍ أَوۡ مَتَٰعٖ زَبَدٞ مِّثۡلُهُۥۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡحَقَّ وَٱلۡبَٰطِلَۚ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذۡهَبُ جُفَآءٗۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمۡكُثُ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ} (17)

{ أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها } الكبير بقدره ، والصغير بقدره { فاحتمل السيل زبدا رابيا } يعني : عاليا فوق الماء ، إلى قوله : { كذلك يضرب الله الأمثال } هذه أمثال ضربها الله للمؤمن والكافر ، فأما قوله : { ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية } فإنه يعني : الذهب والفضة ؛ إذا أذيبا فعلا خبثهما ؛ وهو الزبد ، وخلص خالصهما تحت ذلك الزبد { أو متاع } أي : وابتغاء متاع ما يستمتع به { زبد مثله } أي : مثل زبد الماء ، والذي يوقد عليه ابتغاء متاع هو الحديد والنحاس والرصاص إذا صفي ذلك أيضا ؛ فخلص خالصه ، وعلا خبثه ؛ وهو زبده { فأما الزبد } زبد الماء ، وزبد الحلي ، وزبد الحديد والنحاس والرصاص { فيذهب جفاء } يعني : لا ينتفع به ؛ فهذا مثل عمل الكافر ؛ لا ينتفع به في الآخرة { وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض } فينتفع بالماء ينبت عليه الزرع والمرعى ، وينتفع بذلك الحلي والمتاع ؛ فهذا مثل عمل المؤمن يبقى ثوابه في الآخرة .

قال محمد : { جفاء } في اللغة : هو ما رمى به الوادي إلى جنباته ؛ يقال : جفأ الوادي غثاءه ، وجفأت الرجل إذا صرعته ، وموضع { جفاء } نصب على الحال ، ومعنى { يضرب الله الأمثال } يصفها ويبينها .