معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجۡهَهُۥۖ وَلَا تَعۡدُ عَيۡنَاكَ عَنۡهُمۡ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطٗا} (28)

وقوله : { بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ 28 } قرأ أبو عبد الرحمن السُّلَمِيُّ ( بالغُدْوة والعَشيّ ) ولا أعلم أحداً قرأ غيره . والعرب لا تُدخل الألف واللام في الغدوة ؛ لأنها معرفة بغير ألِف ولام سمعتُ أبا الجراح يقول : ما رأيت كغُدْوةَ قطُّ ، يعنى غداة يومهِ . وذاك أَنها كانت باردة ؛ ألا ترى أَن العرب لا تضيفها فكذلك لا تُدخلها الألف واللام .

إنما يقولون : أتيتكَ غَدَاة الخميس ، ولا يقولون : غُدْوةَ الخميس . فهذا دليل على أَنها معرفة .

وقوله { وَلاَ تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ } الفعل للعينين : لا تنصرفْ عيناك عنهم . وهذه نزلت في سَلْمان وأصحابه .

وقوله { وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } متروكاً قد تُرك فيه الطاعة وغُفِل عنها . ويقال إنه أفرط في القول فقال : نحن رءوس مُضَر وأشرافُها ، وليس كذلك . وهو عُييْنة ابن حِصْن . وقد ذكرنا حديثه في سُورة الأنعام .