معاني القرآن للفراء - الفراء  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلۡهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَٰرَتُهُمۡ وَمَا كَانُواْ مُهۡتَدِينَ} (16)

وقوله : { فَما رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ . . . }

ربما قال القائل : كيف تَربح التجارة وإنما يَربح الرجل التاجر ؟ وذلك من كلام العرب : ربح بَيْعُك وخسر بيعُك ، فحسن القول بذلك ؛ لأن الربح والخسران إنما يكونان في التجارة ، فعلم معناه . ومثله من كلام العرب : هذا ليل نائم . ومثله من كتاب الله : { فَإذَا عَزَمَ اْلأَمْرُ } وإنما العزيمة للرجال ، ولا يجوز الضمير إلا في مثل هذا . فلو قال قائل : قد خسر عبدك ؛ لم يجز ذلك ، ( إن كنت ) تريد أن تجعل العبد تجارةً يُربَح فيه أو يُوضَع ؛ لأنه قد يكون العبد تاجرا فيربح أو يُوضَع ، فلا يعلم معناه إذا ربح هو من معناه إذا كان مَتْجُوراً فيه . فلو قال قائل : قد ربحتْ دراهمُك ودنانيرُك ، وخسر بَزُّك ورقيقك ؛ كان جائزا لدلالة بعضه على بعض .