قوله تعالى : { خَتَمَ اللَّهُ على قُلُوبِهمْ وَعلى سَمْعِهِمْ وَعلى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ . . . }
انقطع معنى الختم عند قوله : { وَعلى سَمْعِهِمْ } . ورفعت " الغشاوة " ب " على " ، ولو نصبتها بإِضمار " وجعل " لكان صوابا .
وزعم المفضَّل أن عاصم بن أبى النَّجُود كان ينصبها ، على مثل قوله في الجاثية : { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخذَ إِلهَهُ هَوَاهُ وأَضَلَّهُ اللَّهُ على عِلْمٍ وَخَتَمَ على سَمْعِهِ وقلْبِهِ وجَعَلَ على بَصَرِهِ غِشَاوةً } .
ومعناهما واحد ، والله أعلم . وإنما يحسن الإِضمار في الكلام الذي يجتمع ويدلّ أوّله على آخره ؛ كقولك : قد أصاب فلان المال ، فبنى الدورَ والعبيدَ والإماء واللباسَ الحسن ؛ فقد ترى البناء لا يقع على العبيد والإماء ولا على الدوابّ ولا على الثياب ، ولكنه من صفات اليَسَار ؛ فحسن الإضمار لما عرف . ومثله في سورة الواقعة : { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدوُنَ . بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ } ثم قال : { وَفَاكِهَةٍ مِما يَتَخَيَّرونَ . ولَحْمِ طَيْرٍ مِما يَشْتَهُونَ . وحُورٍ عِينٍ } فخفض بعض القراء ، ورفع بعضهم الحور العين . قال الذين رفعوا : الحور العين لا يطاف بهنّ ؛ فرفعوا على معنى قولهم : وعندهم حُورٌ عينٌ ، أو مع ذلك حور عينٌ ؛ فقيل : الفاكهة واللحم لا يطاف بهما إنما يطاف بالخمر وحدها - والله أعلم - ثم أُتبع آخر الكلام أوّله . وهو كثير في كلام العرب وأشعارهم ، وأنشدني بعض بنى أسد يصف فرسه :
عَلَفْتُها تِبْنا وماء بارداً *** حتى شَتَتْ هَمالةً عَيْناها
والكتاب أعرب وأقوى في الحجة من الشعر . وأما ما لا يحسن فيه الضمير لقلّة اجتماعه ، فقولك : قد أعتقت مبارَكا أمس وآخرَ اليوم يا هذا ؛ وأنت تريد : واشتريت آخرَ اليوم ؛ لأن هذا مختلف لا يعرف أنك أردت ابتعت . ولا يجوز أن تقول : ضربت فلانا وفلانا ؛ وأنت تريد بالآخر : وقتلت فلانا ؛ لأنه ليس هاهنا دليل . ففي هذين الوجهين ما تعرف به ما ورد عليك إن شاء الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.