قوله تعالى : { أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى } قال سيبويه : ضمت الواو في " اشتروا " فرقا بينها وبين الواو الأصلية ، نحو : " وأن لو استقاموا على الطريقة " . [ الجن : 16 ] . وقال ابن كيسان : الضمة في الواو أخف من غيرها لأنها من جنسها . وقال الزجاج : حركت بالضم كما فعل في " نحن " . وقرأ ابن أبي إسحاق ويحيى بن يعمر{[282]} بكسر الواو على أصل التقاء الساكنين . وروى أبو زيد الأنصاري عن قعنب أبي السمال العدوي أنه قرأ بفتح الواو لخفة الفتحة وإن كان{[283]} ما قبلها مفتوحا . وأجاز الكسائي همز الواو وضمها كأدؤر . واشتروا : من الشراء . والشراء هنا مستعار . والمعنى استحبوا الكفر على الإيمان ، كما قال : " فاستحبوا العمى على الهدى " [ فصلت : 17 ] فعبر عنه بالشراء ، لأن الشراء إنما يكون فيما يحبه مشتريه . فأما أن يكون معنى شراء المعاوضة فلا ، لأن المنافقين لم يكونوا مؤمنين فيبيعون إيمانهم . وقال ابن عباس : أخذوا الضلالة وتركوا الهدى . ومعناه استبدلوا واختاروا الكفر على الإيمان . وإنما أخرجه بلفظ الشراء توسعا ، لأن الشراء والتجارة راجعان إلى الاستبدال ، والعرب تستعمل ذلك في كل من استبدل شيئا بشيء . قال أبو ذؤيب :
فإن تَزْعُمِيني كنت أجهلُ فيكم *** فإني شريتُ{[284]} الحلم بعدك بالجهل
وأصل الضلالة : الحيرة . ويسمى النسيان ضلالة لما فيه من الحيرة ، قال له جل وعز : " فعلتها إذا وأنا من الضالين{[285]} " [ الشعراء : 20 ] أي الناسين . ويسمى الهلاك ضلالة ، كما قال عز وجل : " وقالوا أإذا ضللنا في الأرض{[286]} " [ السجدة : 10 ] .
قوله تعالى : " فما ربحت تجارتهم " أسند تعالى الربح إلى التجارة على عادة العرب في قولهم : ربح بيعك ، وخسرت صفقتك ، وقولهم : ليل قائم ، ونهار صائم ، والمعنى : ربحت وخسرت في بيعك ، وقمت في ليلك وصمت في نهارك ، أي فما ربحوا في تجارتهم . وقال الشاعر :
نهارُك هائمٌ وليلك نائمُ *** كذلك في الدنيا تعيشُ البهائمُ
ابن كيسان : ويجوز تجارة وتجائر ، وضلالة وضلائل .
قوله تعالى : " وما كانوا مهتدين " في اشترائهم الضلالة . وقيل : في سابق علم الله . والاهتداء ضد الضلال ، وقد تقدم{[287]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.