بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلۡهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَٰرَتُهُمۡ وَمَا كَانُواْ مُهۡتَدِينَ} (16)

قوله عز وجل : { أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى } ، يعني اختاروا الكفر على الإيمان . وفي الآية دليل أن الشراء قد يكون بالمعنى دون اللفظ وهو المبادلة ، لأن الله تعالى سمى استبدالهم الضلالة بالهدى شراء ، ولم يكن هنالك لفظ شراء .

قوله تعالى : { فَمَا رَبِحَت تجارتهم } فقد أضاف الربح إلى التجارة على وجه المجاز . والعرب تقول : ربحت تجارة فلان ، وخسرت تجارة فلان ، وإنما يريدون به أنه ربح في تجارته ، والله تعالى أنزل القرآن بلغة العرب على ما يتعارفون فيما بينهم فلذلك قال : { فَمَا رَبِحَت تجارتهم } أي فما ربحوا في تجارتهم .

قوله تعالى : { وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } قال بعضهم : معناه وما هم بمهتدين في الحال ، كقوله تعالى : { فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُواْ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى المهد صَبِيّاً } [ مريم : 29 ] أي من هو في المهد صبي في الحال . وقال بعضهم : معناه { وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } من قبل لأنهم لو كانوا مهتدين من قبل ، لوفقهم الله تعالى في الحال ، ولكن لما لم يكونوا مهتدين من قبل ، خذلهم الله تعالى مجازاة لأفعالهم الخبيثة .