وقوله : { فَأَنبَتْنا بِهِ حَدَائقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ60 }
فقال : { ذاتَ } ولم يقل : ذوات وكلّ صواب . وإنما جَاز أن يقول { ذات } للحدائق وهي جمع لأنك تقول ، هذه حَدَائق كما تقول : هذه حديقة . ومثله قول الله { وَلِلّهِ الأسْماء الحُسْنَى } ولم يقل الحسُنَ و( والقُرون الأولَى ) ولو كانت حدائق ذوات بهجة كان صوابا . وقال الأعشى في توحيدها :
فسوف يُعقبُنيهِ إن ظفرتَ به *** ربٌّ غفورٌ وبِيض ذات أطهار
ولم يقل : ذوات أطهار . وإنما يقال : حديقة لكل بستان عليه حائط . فما لم يكن عليْه حائط لم يُقَل له : حديقة .
وقوله : { أَإله مَّعَ اللَّهِ } مردود على قوله { أَمْ مَنْ خَلَق } كذَا وكذا . ثم قال { أَإله مَّعَ اللَّهِ } خَلَقه . وإن شئت جعلت رفعه بمع ؛ كقولك : أمع الله ويلكم إله ! ولو جاء نصباً أَإِلها مع الله على أن تضمر فعلاً يكون به النصب كقولك : أتجعلون إلها مع الله ، أو أتتَّخذونَ إلها مع الله .
والعرب تقول : أثعلباً وتفرّ كأنهم أرَادوا : أتُرَى ثعلباً وتفِرّ . وقال بعض الشعراء :
أَعبداً حلَّ في شُعَبى غريباً *** أَلُؤْما لا أبالكَ واغترابَا
يريد : أتجمع اللؤم والاغتراب . وسَمعت بعض العرب لأسير أسَرَهُ ليْلاً ، فَلَما 138 ا أصْبح رَآه أسود ، فقال أعبداً سَائر الليلة ، كأنه قال : ألاَ أُراني أسَرْت عبداً منذ ليلتي . وقال آخر :
أجَخْفا تميميّاً إذا فتنة خَبَتْ *** وجُبْنا إذا ما المشرفيّة سُلَّت
فهذا في كل تعجُّب خاطَبُوا صاحبه ، فإذا كَان يتعجّب من شيء ويخاطب غيره أَعملوا الفعل فقالُوا : أثعلب ورجل يفرّ منه ، لأن هذا خطاب لغير صَاحب الثعلب . ولو نصب على قوله أيفر رَجُل من ثعلبٍ فتجعل العطف كأنه السَّابق . يُبْنَى على هذا . وسمعت بعض بنى عُقَيل ينشد لمجنون بنى عامر :
أألبرقَ أم نارا لليلى بدت لنا *** بمُنْخَرقٍ من سَارياتِ الجنائبِ
بل البرقَ يبدو في ذَرَى دَفَئيَّة *** يضيء نَشَاصاً مشمخرّ الغَوارب
ولو نار ليلى بالشريف بدت لنا *** لحبت إلينا نار من لم يصاقب
فنصب كل هذا وَمعه فعله على إضمار فعل منه ، كأنه قَالَ : أأرى ناراً بل أرى البرق . وكأنه قَالَ : ولو رأيتُ نار ليلى . وكذلك الآيتان الأُخريَان في قوله { أَإله مَّعَ اللَّهِ } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.