محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{أَمَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَنۢبَتۡنَا بِهِۦ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهۡجَةٖ مَّا كَانَ لَكُمۡ أَن تُنۢبِتُواْ شَجَرَهَآۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٞ يَعۡدِلُونَ} (60)

وقوله تعالى :{ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ } إضراب وانتقال ، من التبكيت تعريضا ، إلى التصريح به خطابا على وجه أظهر منه لمزيد التأكيد . أي : بل من خلق السماوات والأرض ، وأودع فيهما من المنافع ما لا يحصى { وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ } أي بساتين ذات حسن ورونق بهيج النظار { مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ } أي أإله آخر كائن مع الله الذي ذكر بعض أفعاله التي لا يكاد يقدر عليها غيره حتى يتوهم جعله شريكا له تعالى في العبادة ؟ وهذا تبكيت لهم بنفي الألوهية عما يشركونه به تعالى ، في ضمن النفي الكلي على الطريقة البرهانية ، بعد تبكيتهم بنفي الخيرية عنه بما ذكر من الترديد . قاله أبو السعود { بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ } أي عن طريق الحق . أو به تعالى غيره .