{ من السماء } من السحاب الذي هو جهة السماء .
{ حدائق } بساتين أحطتموها ، وأحدقت بها الأسوار .
{ ذات بهجة } صاحبة منظر حسن ، يبهج من رآه ، فيسر نفسه وخاطره .
{ يعدلون } يميلون عن الحق والقصد ، أو يعدلون بالله تعالى غيره . .
{ أم من خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله } أمن فطر السموات ورفع سمكها وأغطش ليلها ، وسخر شمسها وقمرها ونجومها ، وبسط الأرض وقدر فيها أقواتها ، وبث فيها من كل دابة ، وأنزل من السحاب الذي يكون جهة السماء مطرا وغوثا ورحمة وماء مباركا يسقيكم منه وأنعامكم ، ويروي بلادكم ، فتنفلق الحبة والنواة عن بساتين تسر أعين الناظرين ، وتحف بالأسوار فينتفع بها ويتفكه بثمرها- أمن خلق ذلك الخلق العظيم كمن لم يخلق ؟ ! أإله معه فعل ذلك ؟ ! أيحق لعاقل أن يعبد سواه ؟ ! قال أبو حاتم ، تقديره : آلهتكم خير أم من خلق السماوات والأرض ؟ ! - وفيه معنى التوبيخ لهم ، والتنبيه على قدرة الله عز وجل وعجز آلهتهم-{[2886]} .
)ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم( {[2887]} ، )ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله . . ( {[2888]} ، يقول صاحب تفسير القرآن العظيم : أي هم معترفون بأنه الفاعل لجميع ذلك وحده لا شريك له ثم هم يعبدون معه غيره مما يعترفون أنه لا يخلق ولا يرزق ، وإنما يستحق أن يفرد بالعبادة من هو المتفرد بالخلق والرزق . . اه قال الفراء : الحديقة : البستان المحظر عليه حائط ، وإن لم يكن عليه حائط فهو البستان . . اه وقال الراغب : هي قطعة من الأرض ذات ماء سميت حديقة تشبيها بحدقة العين في الهيئة وحصول الماء فيها . اه وفي البحر : البستان سواء أحاط به جدار أم لا ، { ما كان لكم أن تنبتوا شجرها } أي : ما صح وما أمكن أن توجدوا شجرها فضلا عن خلق ثمرها ، - إذ هم عجزة عن مثلها ، لأن ذلك إخراج الشيء من العدم إلى الوجود ، قلت : وقد يستدل من هذا على منع تصوير شيء سواء كان له روح أم لم يكن ، وهو قول مجاهد ، ويعضده قوله صلى الله عليه وسلم : " قال الله عز وجل ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة " رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " قال الله عز وجل " فذكره ، فعم بالذم والتهديد والتقبيح كل من تعاطى تصوير شيء مما خلقه الله وضاهاه في التشبيه في خلقه فيما انفرد به سبحانه من الخلق والاختراع وهذا واضح ، وذهب الجمهور إلى أن تصوير ما ليس فيه روح يجوز هو والاكتساب به ، وقد قال ابن عباس للذي سأله أن يصنع الصور : إن كنت لا بد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له ، أخرجه مسلم أيضا . . -{[2889]} .
{ بل هم قوم يعدلون } يعدلون ويميلون عن الحق فيجحدون ويشركون ، ويعدلون عن طريق الرشد وينحرفون عنه إلى سبل الغنى ، ونسب إلى ابن زيد : من العدل بمعنى المساواة ، أي يساوون به غيره تعالى من آلهتهم
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.