غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَمَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَنۢبَتۡنَا بِهِۦ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهۡجَةٖ مَّا كَانَ لَكُمۡ أَن تُنۢبِتُواْ شَجَرَهَآۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٞ يَعۡدِلُونَ} (60)

45

ثم عدل عن الاستفهام بذكر الذات إلى الاستفهام بذكر الصفات مبتدئاً بما هو أبين الحسيات فقال : { أمن خلق السموات } وإنما قال ههنا { وأنزل لكم } واقتصر في إبراهيم على قوله { وأنزل } [ إبراهيم : 32 ] لأن لفظة { لكم } وردت هناك بالآخرة ، وليس قوله { ما كان لكم } مغنياً عن ذكره لأنه نفي لا يفيد معنى الأول . ومعنى الالتفات من الغيبة إلى التكلم في قوله { فأنبتنا } تأكيد معنى اختصاص الإنبات بذاته لأن الإنسان قد يتوهم أن له مدخلاً في ذلك من حيث الغرس والسقي . والحدائق جمع حديقة البستان عليه حائط من الإحداق والإحاطة . والبهجة الحسن والنضارة لأن الناظر يبتهج به . وإنما لم يقل ذوات بهجة على الجمع لأن المعنى جماعة حدائق كما يقال : النساء ذهبت . ومعنى { أءله مع الله } أغيره يقرن به ويجعل شريكاً له . قال في الكشاف : قوله { بل هم } بعد الخطاب أبلغ في تخطئة رأيهم . قلت : إنما تعين الغيبة ههنا لأن الخطاب في قوله { ما كان لكم } إنما هو لجميع الناس أي ما صح وما ينبغي للإنسان أن يتأتى منه الإنبات . ولو قال بعد ذلك بل أنتم لزم أن يكون كل الناس مشركين وليس كذلك . وقوله { يعدلون } من العدل أو من العدول أي يعدلون به غيره أو يعدلون عن الحق الذي هو التوحيد .

/خ66