معاني القرآن للفراء - الفراء  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوۡمِۭ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم مِّيثَٰقٌ أَوۡ جَآءُوكُمۡ حَصِرَتۡ صُدُورُهُمۡ أَن يُقَٰتِلُوكُمۡ أَوۡ يُقَٰتِلُواْ قَوۡمَهُمۡۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَسَلَّطَهُمۡ عَلَيۡكُمۡ فَلَقَٰتَلُوكُمۡۚ فَإِنِ ٱعۡتَزَلُوكُمۡ فَلَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ وَأَلۡقَوۡاْ إِلَيۡكُمُ ٱلسَّلَمَ فَمَا جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ عَلَيۡهِمۡ سَبِيلٗا} (90)

وقوله : { إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ . . . }

يقول : إذا واثق القوم النبي صلى الله عليه وسلم ألاّ يقاتلوه ولا يعينوا عليه ، فكتبوا صلحا لم يحلّ قتالهم ولا من اتَّصل بهم ، فكان رأيه في قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم كرأيهم فلا يحلّ قتاله . فذلك قوله ( يصلون ) معناه : يتصلون بهم .

وقوله : { أَوْ جَاءوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ } ، يقول : ضاقت صدورهم عن قتالكم أو قتال قومهم . فذلك معنى قوله { حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ } أي ضاقت صدورهم . وقد قرأ الحسن " حصِرةً صدورهم " ، والعرب تقول : أتانى ذهب عقلُه ، يريدون قد ذهب عقله . وسَمع الكسائي بعضهم يقول : فأصبحتُ نظرت إلى ذات التنانِيرِ . فإذا رأيت ( فَعَل ) بعد ( كان ) ففيها ( قد )مضمرة ، إلا أن يكون مع كان جحد فلا تضمر فيها ( قد مع جحد ) لأنها توكيد والجحد لا يؤكَّد ؛ ألا ترى أنك تقول : ما ذهبت ، ولا يجوز ما قد ذهبت .