معاني القرآن للفراء - الفراء  
{كَيۡفَ يَكُونُ لِلۡمُشۡرِكِينَ عَهۡدٌ عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِۦٓ إِلَّا ٱلَّذِينَ عَٰهَدتُّمۡ عِندَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۖ فَمَا ٱسۡتَقَٰمُواْ لَكُمۡ فَٱسۡتَقِيمُواْ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَّقِينَ} (7)

وقوله : { كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ }

على التعجب ؛ كما تقول : كيف يُستبقىَ مثلك ؛ أي لا ينبغي أن يستبقى . وهو في قراءة عبد الله ( كيف يكون للمشركين عهد عند الله ولا ذمة ) فجاز دخول ( لا ) مع الواو لأن معنى أوّل الكلمة جحد ، وإذا استفهمت بشيء من حروف الاستفهام فلك أن تَدَعه استفهاما ، ولك أن تنوى به الجحد . من ذلك قولك : هل أنت إلاّ كواحد منا ؟ ! ومعناه : ما أنت إلا واحد منا ، وكذلك تقول : هل أنت بذاهب ؟ فتدخل الباء كما تقول : ما أنت بذاهب . وقال الشاعر :

يقولُ إذا اقْلَوْلَى عليها وأَقْرَدَتْ *** أَلاَ هَلْ أَخُو عيشٍ لَذِيذٍ بدائم

وقال الشاعر :

فاذهَبْ فَأي فتى في الناس أَحرَزه *** من يومه ظُلَمٌ دُعْجٌ ولا جَبَل

فقال : ولا جبل ، للجحد وأوّله استفهام ونِيَّته الجحد ؛ معناه ليس يحرزه من يومه شيء . وزعم الكسائي أنه سمع العرب تقول : أين كنت لتنجو منى ، فهذه اللام إنما تدخل ل ( ما ) التي يراد بها الجحد ؛ كقوله : { ما كانُوا لِيؤمِنوا } ، { وما كنا لِنَهْتَديَ لَوْلاَ أَنْ هَدَانا الله } .