{ كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين } هذا استفهام معناه التعجب والاستنكار والاستبعاد .
قال التبريزي والكرماني : معناه النفي ، أي لا يكون لهم عهد وهم لكم ضد .
ونبه على علة انتفاء العهد بالوصف الذي قام به وهو الإشراك .
وقال القرطبي : وفي الآية إضمار ، أي كيف يكون للمشركين عهد مع إضمار الغدر والنكث ؟ انتهى .
والاستفهام يراد به النفي كثيراً ، ومنه قول الشاعر :
فها ذي سيوف يا هدى بن مالك *** كثير ولكن ليس بالسيف ضارب
ولما كان الاستفهام معناه النفي ، صلح مجيء الاستثناء وهو متصل .
وقيل : منقطع ، أي لكن الذين عاهدتم منهم عند المسجد الحرام .
قال الحوفي : ويجوز أن يكون الذين في موضع خبر على البدل من المشركين ، لأن معنى ما تقدم النفي ، أي : ليس يكون للمشركين عهد إلا الذين لم ينكثوا .
وقال السدي : بنو جذيمة بن الديل .
وقال ابن إسحاق : قبائل بني بكر كانوا دخلوا وقت الحديبية في المدة التي كانت بين الرسول صلى الله عليه وسلم وقريش .
وقال الزمخشري : كبني كنانة وبني ضمرة .
وقال قوم منهم مجاهد : هم خزاعة ورد بإسلامهم عام الفتح .
وقال ابن زيد : هم قريش نزلت فلم يستقيموا ، فنزل تأجيلهم أربعة أشهر بعد ذلك .
وضعف هذا القول بأنّ قريشاً بعد الأذان بأربعة أشهر لم يكن فيهم إلا مسلم ، وذلك بعد فتح مكة بسنة ، وكذلك خزاعة قاله الطبري .
فما استقاموا لكم على العهد فاستقيموا لهم على الوفاء .
وجوز أبو البقاء أن يكون خبر يكون كيف ، لقوله : كيف كان عاقبة مكرهم ، وأن يكون الخبر للمشركين .
وعند على هذين ظرف للعهد ، أو ليكون ، أو للحال ، أو هي وصف للعهد .
وأن يكون الخبر عند الله ، وللمشركين تبيين ، أو تعلق بيكون ، وكيف حال من العهد انتهى .
والظاهر أنّ ما مصدرية ظرفية ، أي : استقيموا لهم مدة استقامتهم ، وليست شرطية .
وقال أبو البقاء : هي شرطية كقوله : { ما يفتح الله للناس من رحمة } انتهى .
فكان التقدير : ما استقاموا لكم من زمان فاستقيموا لهم .
وقال الحوفي : ما شرط في موضع رفع بالابتداء ، والخبر استقاموا ، ولكم متعلق باستقاموا ، فاستقيموا لهم الفاء جواب الشرط انتهى .
فكان التقدير فأي : وقت استقاموا فيه لكم فاستقيموا لهم .
وإنما جوز أن تكون شرطية لوجود الفاء في فاستقيموا ، لأن المصدرية الزمانية لا تحتاج إلى الفاء .
وقد أجاز ابن مالك في المصدرية الزمانية أن تكون شرطية وتجزم ، وأنشد على ذلك ما يدل ظاهره على صحة دعواه .
وقد ذكرنا ذلك في كتاب التكميل ، وتأولنا ما استشهد به .
فعلى قوله تكون زمانية شرطية : أنّ الله يحب المتقين ، يعني أن الوفاء بالعهد من أخلاق المتقين ، والتربص بهؤلاء إن استقاموا من أعمال المؤمنين ، والتقوى تتضمن الإيمان والوفاء بالعهد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.