فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{كَيۡفَ يَكُونُ لِلۡمُشۡرِكِينَ عَهۡدٌ عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِۦٓ إِلَّا ٱلَّذِينَ عَٰهَدتُّمۡ عِندَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۖ فَمَا ٱسۡتَقَٰمُواْ لَكُمۡ فَٱسۡتَقِيمُواْ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَّقِينَ} (7)

قوله : { كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ الله وَعِندَ رَسُولِهِ } الاستفهام هنا للتعجب المتضمن للإنكار ، وعهد اسم يكون ، وفي خبره ثلاثة أوجه : الأوّل : أنه كيف ، وقدم للاستفهام ، والثاني : للمشركين ، وعند على هذين : ظرف للعهد ، أو ليكون ، أو صفة للعهد ؛ والثالث : أن الخبر عند الله ، وفي الآية إضمار . والمعنى : كيف يكون للمشركين عهد عند الله يأمنون به من عذابه ، وقيل : معنى الآية : محال أن يثبت لهؤلاء عهد ، وهم أضداد لكم مضمرون للغدر ، فلا يطمعوا في ذلك ولا يحدّثوا به أنفسهم ، ثم استدرك ، فقال : { إِلاَّ الذين عاهدتم عِندَ المسجد الحرام } أي : لكن الذين عاهدتم عند المسجد الحرام ، ولم ينقضوا ولم ينكثوا فلا تقاتلوهم ، فما داموا مستقيمين لكم على العهد الذي بينكم وبينهم { فاستقيموا لَهُمْ } قيل : هم بنو بكر ، وقيل : بنو كنانة وبنو ضمرة ، وفي «ما » وجهان : أحدهما : أنها مصدرية زمانية ، والثاني : أنها شرطية ، وفي قوله : { إِنَّ الله يُحِبُّ المتقين } إشارة إلى أن الوفاء بالعهد والاستقامة عليه من أعمال المتقين ، فيكون تعليلاً للأمر بالاستقامة .

/خ11