قوله تعالى : { الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ } : يجوز أن يكونَ الموصولُ مجرورَ المحلِّ نعتاً لِما قبله ، أو بدلاً منه ، أبو بياناً له ، وأن يكونَ منصوباً على الذمِّ ، أو مرفوعاً عليه ، أو مرفوعاً عليه ، أو مرفوعاً بالابتداء ، والخبرُ قولُه { فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ } والفاءُ مزيدةٌ في الخبر ، قاله ابن عطية ، وهذا لا يجيْءُ إلاَّ على رأي الأخفش في إجازته زيادةَ الفاء في الخبر مطلقاً ، نحو : " زيد فقام " ، أي : قام . ولا يُتَوَهَّم أن هذه الفاءَ هي التي تدخل مع الموصولِ المتضمِّنِ معنى الشرط ؛ لأنه لو صُرِّح بهذا الفعلِ مع أداةِ الشرط لم يَجُزْ دخولُ الفاء عليه ، فما ضُمِّن معناه أَوْلَى بالمنع ، كذا قاله الشيخ ، وهو ظاهر . وعلى الأقوالِ المتقدمةِ خلا القول الأخيرِ يكون " الذين " وصلتُه داخلاً في المَقُول ، وعلى القولِ الأخيرِ لا يكنُ داخلاً فيه .
وقرأ " يَتَوَفَّاهُمْ " في الموضعين بالياء حمزة ، والباقون بالتاء مِنْ فوق ، وهما واضحتان ممَّا تقدَّم في قوله { فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ } [ آل عمران : 39 ] " فناداه " . وقرأت فرقةٌ بإدغام إحدى التاءين في الأخرى ، في مصحفِ عبد الله " تَوَفَّاهم " بتاءٍ واحدة ، وهي مُحْتَمِلةٌ للقراءةِ بالتشديد على الإِدغام ، وبالتخفيفِ على حَذْفِ إحدى التاءَيْن .
و { ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ } حالٌ مِنْ مفعولِ " تَتَوَفَّاهم " و " تَتَوَفَّاهم " يجوز أن يكونَ مستقبلاً على بابه إن كان القولُ واقعاً في الدنيا ، وأن يكونَ ماضياً على حكاية الحال إن كان واقعاً يوم القيامة .
قوله : " فَأَلْقَوا " يجوز فيه أوجهٌ ، أحدها : أنه خبر الموصول وقد تقدَّم فسادُه . الثاني : أنه عطفٌ على { قَالَ الَّذِينَ } . الثالث : أن يكونَ مستأنفاً ، والكلامُ قم تَمَّ عند قولِه " أنفسِهم " ، ثم عاد بقولِه " فألْقَوا " إلى حكاية كلام المشركين يومَ القيامة ، فعلى هذا يكون قولُه { قَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ } إلى قوله " أنفسهم " جملةَ اعتراض . الرابع : أن يكونَ معطوفاً على " تَتَوفَّاهم " قاله أبو البقاء ، وهذا إنما يتمشَّى على أنَّ " تَتَوفَّاهم " بمعنى المُضِيِّ ، ولذلك لم يذكرْ أبو البقاء في " تَتَوفَّاهم " سواه .
قوله : { مَا كُنَّا نَعْمَلُ } فيه أوجه ، أحدها : أن يكون تفسيراً للسَّلَم الذي أَلْقَوه ؛ لأنه بمعنى القول بدليلِ الآيةِ الأخرى : { فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ }
[ النحل : 86 ] ، قاله أبو البقاء ، ولو قال : " يحكي ما هو بمعنى القول " كان أوفقَ لمذهب الكوفيين . الثاني : أن يكونَ " ما كنَّا " منصوباً بقولٍ مضمرٍ ، ذلك الفعلُ منصوب على الحال ، أي : فألقَوا السَّلَم قائلين ذلك . / و { مِن سُوءٍ } مفعول " نعمل " ، زِيْدَتْ فيه " مِنْ " ، و " بلى " جوابٌ ل " ما كنَّا " فهو إيجابٌ له .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.