فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡۖ فَأَلۡقَوُاْ ٱلسَّلَمَ مَا كُنَّا نَعۡمَلُ مِن سُوٓءِۭۚ بَلَىٰٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (28)

{ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ( 28 ) }

{ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ } بالتاء والياء وهما سبعيتان لكنه مع الياء يقرأ بالإمالة في الموضعين والتذكير على أن الملائكة ذكور والتأنيث لأن لفظ الجمع مؤنث { الْمَلائِكَةُ } وهم ملك الموت عزرائيل وأعوانه { ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ } بالكفر وقد تقدم تفسيره .

{ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ } أي أقروا بالربوبية وانقادوا عند الموت ومعناه الاستسلام قاله قطرب ، وقيل معناه المسالمة أي سالموا وتركوا المشاقة قاله الأخفش ، وقيل معناه الإسلام أي أقروا بالإسلام وتركوا ما كانوا فيه من الكفر { مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ } تفسير للسلم على أن يكون المراد بالسلم الكلام الدال عليه .

ويجوز أن يكون المراد بالسوء هنا الشرك ويكون هذا القول منهم على وجه الجحود والكذب أو من شدة الخوف ومن لم يجوز الكذب على أهل القيامة حمله على أنهم أرادوا أنهم لم يعملوا سوءا في اعتقادهم وعلى حسب ظنونهم ، ومثله قوله : { والله ربنا ما كنا مشركين } .

فلما قالوا هذا أجاب عليهم أهل العلم بقولهم : { بَلَى } كنتم تعملون السوء { إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا } أي بالذي { كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } فيجازيكم عليه ولا ينفعكم هذا الكذب شيئا . وقال عكرمة عنى بذلك ما حصل من الكفار يوم بدر .