محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡۖ فَأَلۡقَوُاْ ٱلسَّلَمَ مَا كُنَّا نَعۡمَلُ مِن سُوٓءِۭۚ بَلَىٰٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (28)

/ [ 28 ] { الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السّلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون 28 } .

{ الذين تتوفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ، فألقوا السّلم ما كنا نعمل من سوء ، بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون ، فادخلوا جهنم خالدين فيها ، فلبئس مثوى المتكبرين } هذا إخبار عن حال المشركين الظالمي أنفسهم بتبديل فطرة الله ، عند احتضارهم ومجيء الملائكة إليهم لقبض أرواحهم ، بأنهم يلقون السلم ، أي ينقادون ويسالمون ويتركون المشاقّة . والعدول إلى صيغة الماضي للدلالة على تحقق الوقوع . وأصل الإلقاء في الأجسام . فاستعمل في إظهار الانقياد ، إشعارا بغاية خضوعهم واستكانتهم ، وجعل ذلك كالشيء الملقى بين يدي القاهر الغالب ، على الاستعارة . وقوله تعالى : { ما كنا نعمل من سوء } منصوب بقول مضمر ، حال . أي قائلين ذلك . أو هو تفسير { للسلم } الذي ألقوه ، لأنه بمعنى القول . بدليل الآية الأخرى{[5249]} { فألقوا إليهم القول } كما يقولون يوم المعاد { والله ربنا ما كنا مشركين } {[5250]} . { يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم } {[5251]} . ثم أخبر تعالى أن الملائكة تجيبهم بقوله : { بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون } أي فلا يفيد الإنكار والكذب على الأنفس :


[5249]:[16/ النحل / 86].
[5250]:[6 / الأنعام / 23].
[5251]:[58 / المجادلة / 18].