الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَرَبُّكَ أَعۡلَمُ بِمَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَلَقَدۡ فَضَّلۡنَا بَعۡضَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ عَلَىٰ بَعۡضٖۖ وَءَاتَيۡنَا دَاوُۥدَ زَبُورٗا} (55)

قوله تعالى : { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ } : في هذه الباءِ قولان ، أظهرُهما : أنها تتعلَّقُ ب " أَعْلَمُ " كما تَعَلَّقَتْ الباءُ ب " أَعْلَمُ " قبلها ، ولا يلزمُ مِنْ ذلك تخصيصُ علمِه بمَنْ في السماوات والأرض فقط . والثاني : أنها متعلِّقَةٌ ب " يَعْلَمُ " مقدراً . قاله الفارسي محتجاً بأنه يَلْزَمُ مِنْ ذلك تخصيصُ عِلْمِه بمَنْ في السماوات والأرض ، وهو وَهْمٌ ، لأنه لا يَلْزَمُ من ذِكْرِ الشيءِ نَفْيُ الحكمِ عَمَّا عداه . وهذا هو الذي يقول الأصوليون : إنه مفهومُ اللقَب ، ولم يَقُلْ به إلا أبو بكر الدقاق في طائفةٍ قليلة .

قوله : " زَبُورا " قد تقدَّم خلافُ القراءِ فيه ، ونكَّره هنا دلالةً على التبعيضِ ، أي : زَبُوراً من الزُّبُر ، أو زَبُوراً فيه ذِكْرُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، فأُطْلِقَ على القطعةِ منه زَبورٌ ، كما يُطْلَقُ على بعضِ القرآن ، ويجوزُ أَنْ يكونَ " زَبُور " عَلَماً ، فإذا دَخَلَتْ عليه أل كقولِه : { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ } [ الأنبياء : 105 ] كانت لِلَمْحِ الأصلِ كعبَّاس والعبَّاس ، وفَضْل والفضل .