قوله تعالى : { الَّذِي فَطَرَكُمْ } : فيه ثلاثة أوجه ، أحدُها : أنه مبتدأٌ وخبرُه محذوف ، أي : الذي فطركم يعيدُكم . وهذا التقديرُ فيه مطابقةٌ بين السؤالِ والجوابِ . والثاني : أنه خبرُ مبتدأ محذوف ، أي : مُعِيْدُكم . الذي فطركم . الثالث : أنه فاعلٌ بفعلٍ مقدر ، أي : يعيدُكم الذي فطركم ، ولهذا صُرِّح بالفعل في نظيره عند قولِه : { لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ } [ الزخرف : 9 ] .
و { أَوَّلَ مَرَّةٍ } ظرفُ زمان ناصبُه " فَطَركم " .
قوله : " فسَيُنْغِضُون " ، أي : يُحَرِّكونها استهزاءً . يقال : أَنْغَضَ رأسَه يُنْغِضها ، أي : حَرَّكها إلى فوقُ ، وإلى أسفلَ إنغاضاً ، فهو مُنْغِضٌ ، قال :
أَنَغَضَ نحوي رأسَه وأَقْنَعا *** كأنه يطلُبُ شيئاً أَطْمعا
لَمَّا رَأَتْنِي أَنْغَضَتْ لِي الرَّأْسا ***
وقال أبو الهيثم : " إذا أُخْبِرَ بشيءٍ فَحَرَّك رأسَه إنكاراً له فقد أَنْغَضَ " . قال ذو الرمة :
ظَعائِنُ لم يَسْكُنَّ أَكْنافَ قريةٍ *** بِسِيْفٍ ولم تَنْغُضْ بهنَّ القَنَاطِرُ
أي : لم تُحَرَّك ، وأمَّا نَغَضَ ثلاثياً ، يَنْغَضُ ويَنْغُضُ بالفتح والضم ، فبمعنى تَحَرَّك ، لا يتعدَّى يقال : نَغَضَتْ سِنَّه ، أي : تَحَرَّكت ، تَنْغُضُ نَغْضاً ونُغوضاً . قال :
ونَغَضَتْ مِنْ هَرَمٍ أسنانُها ***
قوله : { عَسَى أَن يَكُونَ } يجوز أن تكونَ الناقصة ، واسمُها مستترٌ فيها يعودُ على البعثِ والحشرِ المدلولِ عليهما بقوة الكلام ، أو لتضمُّنِه في قوله " مَبْعوثون " ، و " أن يكونَ " خبرُها ، ويجوز أن تكونَ التامَّةَ مسندةً إلى " أنَّ " وما في حيِّزها ، واسمُ " يكونَ " ضميرُ البعثِ كما تقدَّم .
وفي " قريباً " وجهان ، أحدُهما : أنه خبر " كان " وهو وصفٌ على بابِه . والثاني : أنه ظرفٌ ، أي : زماناً قريباً ، وأن يكونَ " على هذا تامةٌ ، أي : عسى أن يقع العَوْد في زمانٍ قريب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.